أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات الكل ينادي على رمضان .. ولكن !

الكل ينادي على رمضان .. ولكن !

08-06-2016 03:24 PM


ناديا هاشم / العالول
اتحفتْنا وسائل التواصل الإجتماعي كافة طيلة الشهور الأخيرة المنصرمة منذ نهايات شهر "ربيع الثاني " حتى هلّ علينا هلال رجب مرورا بشعبان ولحد الآن بمناداتها على الشهرالفضيل ومناجاته قبل قدومه وما زالت شغّالة تشتد وتيرتها وترتفع نبراتها الصادرة عن مريدي الشهر الفضيل ..
ولا يعني هذا بأننا لسنا من محبي هذا الشهر ولا يعني اننا لسنا من المخلصين له .. بل نحن من عشّاقه ..
فاعتراضنا ليس على هذا الكم الهائل من التعليقات والصور والأقوال المتمحورة حول اقتراب الشهر الكريم والمتشوقة لقدومه والمرحبة بإقترابه: بقي ستون يوما .. بقي اربعون على الطلّة الرائعة .. بقي كذا وكذا على قدوم الشهر الكريم .. ..اللهم بلغنا شهر رمضان ..وهكذا .. وكله جميل!
نداءات بغاية الروحانية نتمنى ان ينعكس بعضها على افعالنا وسلوكياتنا اثناء هذا الشهر بخاصة .. وقبلِه وبعده بصورة عامة ..
ولم يخل الأمر من ورود بعض النكات المتعلقة بالشهر الكريم أنقل لكم إحداها مفادها : أن الكّنة دخلت بيت حماها قبل المدفع بدقيقة واحدة فسألت حماتها التي تعمل بجهد ملحوظ اذا كانت بحاجة لأية مساعدة..
فتجيبها الحماة: شكرا حبيبتي .. ما ضَلْ شيء تعمليه .. الا الأذان.. ممكن ترفعيه ؟
نكتة بغاية الطرافة تذكّرنا بالعلاقة الأزلية ما بين الكنّة والحماة المتميزة بالشدّ والرخيّ .. حتى بشهر رمضان علما بان هذه الأيام "مفيش فضاوة " على الإطلاق .. وياللا ..ياللا.. الواحد يفكّر بحاله !
وها نحن نعود للطلّة الرمضانية الجميلة للشهر الفضيل بعباداته الهادفة لتهذيب النفس عبر صيام وصلاة وقراءة قرآن ، مكررين انفسنا مرة أخرى بالتذكير بان الصيام هو الامتناع عن الطعام والشراب وقول الزور والعمل به ولهذا هنالك فرق بين الصوم والصيام .. فالمفروض اننا نلتزم بالصوم بحياتنا العادية خارج حدود الشهر الفضيل طيلة العام ، هذا الصوم المتمثل بالمعاملة الحسنة والقول الحسَن والفعل الحسَن مستشهدين بقول ستنا مريم : "اني نذرت للرحمن صوما "..
أي الصمت عن الكلام .. علما بأن الصمت عن الكلام الفظّ هو "الصوم" ..اما الصيام : فهو الانقطاع عن الطعام والشراب ،وعلى ما يبدو أن البعض يجهل اهمية الربط بين الصوم والصيام .. فيمارسون صياما بلا صوم ..غيرمدركين الفرق بينهما ..
علما بأن القرآن الكريم ، عندما يذكر كلمة (صيام ) بحرف (الياء) ،فإنه لا يقصد بها كلمة (صوم ) بحرف (الواو) .. لأن المقصود من كلمة (صيام) بالقرآن الكريم : الامتناع عن الطعام والشراب وباقي المفطرات من الفجر حتى المغرب .. يعني فريضة ( الصيام ) خلال شهر رمضان .. والدليل على ذلك قوله تعالى في سورة البقرة 183:" يا ايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام " .. دون ان يقول " كتب عليكم الصوم ".. فهنالك فرق بين الصوم المرتبط باللسان والكلام ، والصيام المرتبط بالمعدة وطعامها وشرابها ..
ترى هل كل هذاالشوق لشهر رمضان ينبع من "نوستالجيا" الحنين الحقيقي للماضي ؟ لروحانياته ؟ ام مطيّة للإكثار من العبادات دون الإمتثال بمضامينها؟
هل نحنُّ لسَهَر لياليه ومسلسلاته ولشَدَّتِه- لعب الورق- ؟
هل نحنُّ "لطبايِخ ونفايِخ وعزايم وقطايف وأراجيل رمضان" ؟
هل نحنّ لحزازيره ؟ قد نحزرها .. ولكن للأسف لم نحزرْ معنى مضامينه ..وان حزرناها لا نطبقها؟
قد يعتقد البعض بأننا بارعون بالنقّ – التنكيد- بتذكيرنا لهم بواجباتهم عملا بمقولة بأنّ كل حق أمامه واجب ....
صدقوني هذا ليس بالنّق إطلاقا .. بل مجرّد عملية متابعة.. فمثلا لو قمنا بإجراء جرْدة على الأوضاع العربية المحيطة ترى ماذا نكتشف؟"بلاوي " ..
"بلاوي متَلْتِلَة ".. كما يقولون بالعامية لكثرة ما لهثنا وراء المظهر متناسين الجوهر بما فيها جوهر رمضان الذي ننادي عليه ليلا نهارا وصباحا مساء مشاركين بجوقة النداء : اللهم بلغنا رمضان ..آمين !
ولكن ماذا أعددنا له من عدة تشكّل بنية تحتية لاستمرار تراكمات مضامين عباداته قبله وبعده .. اضافة للوز والجوز والمعكرونة ؟ ماذا اعددنا لرمضان الجوهر وهو الهدف الأسمى الذي نسعى اليه.. الهدف الحقيقي الذي نحث الخطى إليه.. نعم رمضان "الأخلاق "بعد أن أعيانا التركيز على زيف المظهر .. بل خلَفَّنا وأعادنا للوراء ..
مذكّرين بأن رمضان هو التوكيد على "الالتزام" بمزيد من العبادات مع الإلتزام بجوهر مضامينها بالقول والفعل والسلوك والعمل حتى بالتنمية باشكالها المختلفة .. فلا إيمان بدون تنمية والعكس صحيح ..كإتقان العمل والإلتزام بمعاييره فالآيات والأحاديث لا تتوقف فقط عند البعد الديني بل لها أبعادا انسانية واجتماعية واقتصادية وتنموية ..
اذ ما فائدة القيام بالعبادات شكلا دون أن يؤثر فينا مضمونها ؟
فديننا الحنيف هو بمثابة النبع المتدفق الذي يغطي احتياجاتنا الدينية والدنيوية عند قراءة وفهم وتطبيق صحيح جوهره..
وهَلّ هلالُك يا رمضان !





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :