أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات الإرهاب الصهيوني وتحديات المقاومة

الإرهاب الصهيوني وتحديات المقاومة

14-05-2022 03:18 PM

مهدي مبارك عبد الله


في ظل الكثير من التحولات السياسية التي لا تتوقف ومنذ نحو قرن خلا وقبل إقامة الكيان الصهيوني بثلاثة عقود وإرهاب المنظمات الصهيونية المدعومة من دولة الانتداب البريطانية يمارس بشكل مريع ضد أبناء الشعب العربي الفلسطيني وبعد إقامة الدولة الشيطانية في اعقاب نكبة الفلسطينيين الكبرى في أيار 1948 تعاظمت عمليات القتل والتهجير والمذابح والتهويد والمصادرة والتطهير العرقي والعنصرية في أجلى صورها الارهابية

وعقب احتلال ما تبقى من فلسطين التاريخية في حزيران 1967 بالإضافة لسيناء المصرية والجولان السورية وبعض الأراضي اللبنانية مع ما رافق هذا الاستعمار من مظاهر الاستعلاء والغطرسة واستخدام سطوة الاعتقال والاغتيال واستثمار الجريمة المنظمة وتعميق المشروع الكولونيالي الصهيوني بخطط التوسع والعدوان ورفض وجود الحق الفلسطيني على اي جزء متواضع من ارضه ووطنه فضلا عن شطب حقه في تقرير المصير والعودة ومواصلة الاجتياحات والاقتحامات للأراضي والمدن والقرى والمخيمات والمعابد المسيحية والإسلامية وحرق ونسف المساجد والاديرة والكنائس وغيرها من جرائم العصر الحديث الصهيونية النازية التي يندى لها جبين البشرية

مقابل كل ذلك وجد الصهاينة منذ مطلع القرن الماضي ردود افعال وطنية فلسطينية وعربية عبر سلسلة طويلة من الثورات والهبات والانتفاضات الشعبية التي للأسف الشديد تآمر عليها بعض الزعماء العرب في المحطات المختلفة لا بل ان بعض اهل النظام العربي الرسمي كانوا شركاء في وقوع النكبة عام 1948 وهذا بالطبع لا يشمل العرب الشرفاء الذين دافعوا واستشهدوا على ثرى فلسطين ومازالوا مستعدين للدفاع عنها وعن عروبتها ومركزيتها

الشعب الفلسطيني وممثليه وقواه وفصائله العسكرية والسياسية المختلفة لن يستسلموا ولن يرضخوا للأجرام والغطرسة الصهيونية عبر السنوات الطويلة ومع كل ذلك ذهبت قيادتهم لخيار السلام كحل استراتيجي لان طريق الكفاح التحرري الوطني في الأصل كان من اجل بناء ركائز السلام وانهاء وإزالة الاحتلال غير ان إسرائيل المارقة وحكوماتها المتعاقبة ذهبت بعيدا في فاشيتها ولم تترك نافذة من نوافذ السلام مفتوحة بل قامت عن سابق تصميم وإصرار بأغلاق كل بصيص امل لبناء خطوة ولو صغيرة على طريق التسوية السياسية الممكنة والمقبولة

الاحتلال وهو يسير في حالة مزرية من التخبط والعجز والفشل والارباك غاص حتى الركب في استباحة الدم والحقوق والأرض الفلسطينية وارفق جرائمه الممنهجة وارهابه المنظم بسن جملة متواصلة من القوانين العنصرية الاستعمارية كان ذروتها ما سمي بقانون القومية الأساس للدولة اليهودية الذي صادق عليه الكنيست في 19 تموز 2018 وقبله صدر قانون النكبة وبعده تم الغاء قانون لم الشمل ... الخ

اليوم تتعاظم جرائم حكومة بينت / لبيد ضد أبناء الشعب في العاصمة الفلسطينية الأبدية القدس المحتلة واحيائها الستة عبر الاقتحامات المتواترة للمسجد الأقصى حتى ان يئير لبيد قبل فترة قصيرة حاول تلميع صفحته الاجرامية امام قطعان اليمين المستعمر بزيارة استفزازية للقدس والاقصى وقد تلاه زعيم الليكود الفاسد نتنياهو ثم الفاشي ايتمار بن غفير خليفة المتطرف المقبور مائير كهانا والمجرمين سموتيريتش وغليك وكل زعران العصابات الصهيونية بهدف فرض التقسيم الزماني والمكاني في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين كما فعلوا في الحرم الابراهيمي الشريف من قبل

مازالت قوات الشرطة وقطعان المستوطنين وبكل عنجهية يعيثون فسادا في الأرض الفلسطينية عبر ممارسة السلوكيات المنحرفة واقتحامات والجيش الإسرائيلي المتواصلة للقدس واحيائها والاقصى ومخيم جنين بالإضافة الى قرى ومدن طولكرم ونابلس ورام الله واريحا وقلقيلية وطوباس وسلفيت والبيرة والخليل وبيت لحم وبيت جالا والخضر وحدث ولا حرج عن النقب ومدن وبلدات وقرى الجليل والمثلث المختلطة وتقريبا وفي كل يوم ترتكب مجازر القتل والاغتيالات والاعتقالات عير الحواجز ناهيك عن مصادرة الأملاك الخاصة والحقوق والحريات والثروات الطبيعية

في ضوء كل هذا ماذا يتوقع الصهاينة من الفلسطينيون الرضوخ والخضوع والاستسلام والرضا بالتسهيلات والحلول الاقتصادية البائسة وان ينثروا الورود في طريقهم ويباركوا مجازرهم واجرامهم ويسلموا بروايتهم المفضوحة في ظل عالم قائم على المعايير المزدوجة تقوده الولايات المتحدة الأميركية المتوحشة وتقدم فيه الدعم المطلق بكل معايير الكلمة لدولة الإرهاب الصهيونية العنصرية

الفلسطينيون بعزة شرفهم وعزيز كرامتهم رفضوا الذل والهوان والانكسار ودافعوا عن أنفسهم ووطنهم وقوميتهم ولم تكن العمليات الفردية البطولة الا دفاعا عن القدس والاقصى والتراب الوطني المستباح وعن حق الأطفال الفلسطينيين الابرياء بحياة كريمة وكذلك صونا وتمسكا بالرواية التاريخية الفلسطينية العربية في مصداقيتها الأبدية

الحقيقة المؤكدة انه لا أحد من شهداء العمليات الأخيرة ولا سابقاتها كان يريد الموت من اجل الموت فجمعيهم كانوا رواد حياة ومقبلين عليها لا مدبرين منها ولكن عندما اغلقت إسرائيل الاستعمارية ومن خلفها اميركا الاجرامية وكل من لف لفهما افاق السلام وبترك الاحتلال يمارس القتل على الهوية الوطنية ويغتصب الحقوق جهارا نهارا وعلى مرآي ومسمع من العالم

لهذا فقط اضطر هؤلاء الشبان الابطال ان يختاروا طريق المقاومة المشروعة لفتح أبواب السلام المغلقة بقوة شجاعة وكفاءة نادرة ارعبت إسرائيل وزلزلت أجهزتها الامنية من اجل تقرير المصير والتحرر والعودة والاستقلال ولن يقبلوا ابدا الاستسلام ولن يرفعوا الرايات البيضاء بعدما قرروا ان يموتوا دون ارضهم وعرضهم وحقوقهم واهدافهم الدينية والوطنية النبيلة بان المسجد الأقصى والقدس سيبقيان يكلان خط أحمر تهون دونهما الأرواح والدماء

نستذكر في هذا السياق عملية السور الواقي في العام ٢٠٠٢ واجتياح الجيش الاسرائيل للضفة الغربية واحتلالها وبعد عشرين عام لم تتوقف السياسات والجرائم الاسرائيلية واعمال القمع والاستيطان وارهاب المستوطنين ومحاولات اخضاع الفلسطينيين والتنكر لحقوقهم وتجاهل وجودهم لان ما كان يهم دولة الاحتلال دائما هو الحفاظ على أمن واستقرار الاسرائيليين بواسطة وكيل أمني فلسطيني عبر التنسيق الأمني واستمرار العلاقات مع الاحتلال وتجاهله لحقوق الفلسطينيين واعترافه بالسلطة الفلسطينية والحفاظ عليها للمساعدة في حفظ أمن دولة الاحتلال

لم يدرك كيان الاحتلال المهزوم والمأزوم بعد ان الاستمرار في ابتزاز الفلسطينيين وحصارهم وافقارهم ونشر آلاف الجنود ورجال الامن والشرطة والشاباك لم تستطع كل هذه الحشود والآلة الأمنية والتكنلوجيا والاعتقالات والمراقبة الحثيثة لحياة الفلسطينيين بكبح جماحهم ولم تنجح دولة الاحتلال أكثر من مرة بمنع شخص وحيد من هز دولة الاحتلال وارباكها وافشال منظومتها الأمنية بعدما سادت حالة الفوضى والخوف والهلع والشعور بعدم الامن في أعماق المجتمع الإسرائيلي واكدت أن خيار المقاومة هو الأقصر والأمثل لتحرير فلسطين

الشعب الفلسطيني وبكل ما يملكه من طاقة كامنة وحق في المقاومة المشروعة في مواجهة البطش والصلف الاسرائيلي ورفضه الاحتلال مهما تعرض للقتل والاعتقالات والقمع وسياسات المحو والاحلال والتهجير والطرد منذ ٧٤ عام فهو سيبقى يحافظ على سرديته التاريخية ويدافع عن وجوده ومصيره وتاريخه وكرامته وهو يقدم التضحيات وقوافل الشهداء دون ملل او كلل

كل ما قدمناه هو جزء يسير مما يعانيه الفلسطينيون بشكل يومي من قتل وخوف لا ينتهي فهل على الفلسطيني في الأراضي المحتلة سواء في القدس وقطاع غزة والضفة امام هذا الواقع الأليم أن يختار إما الحصار والقتل أو التهجير القسري أو الطرد الجماعي ام المقاومة والتحدي واثبات الوجود وموازاة الاحتلال بالانتقام واهراق الدماء

بالعمليات الاستشهادية البطولية التي فتحت على الاحتلال أبواب جهنم برد مزلزل تعدت ارتداداته حدود فلسطين خاصة لتؤكد بان سيف القدس مازال مشرعا ولن يغمد إلا برحيل الاحتلال وأن التهديدات لن ترهب الابطال ولن توقف مسيرة المقاومة والدفاع عن والمقدسات وسوف يظلون بشجاعتهم يسطّرون أروع آيات ملاحم الصمود والثبات والانتصار وكسر عنجهية الصهاينة وتثبيت قواعد معادلة غزة القدس ومفاهيم الاشتباك الجديدة بأن القصف بالقصف والدم بالدم وأن كل إمكانات المقاومة مسخرة للدفاع عن القدس والأقصى والوطن والشعب واعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية

هذا هو وجه الاحتلال البشع بدون مساحيق ونظام فصله العنصري البغيض بلا رتوش الذي يتلقى الدعم الكامل من مؤسسات الدولة وفي مقدمتها المحكمة العليا وما تمارسه دولة الاحتلال منذ عقد ونصف من الزمن بحصار قطاع غزة وشل جميع مناحي حياة الفلسطينيين ومصادرة حقوقهم الطبيعية المتأصلة فيهم ومحاولاته كي وعي الفلسطينيين وردعهم بالدفاع عن أنفسهم وحقهم في الحرية وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة واصمتها القدس الشرقية ولهذا لن تتوقف المقاومة لسبب بسيط وهو أن هناك شعب مؤمن بعدالة قضيته يقع تحت ارهاب الاحتلال

البعض من دعاة ضبط النفس يرى ان الوضع السياسي الحالي في المنطقة يتطلب ضرورة الإنصات لصوت العقل ومنطق السياسة خاصة وأن التغيرات التي تعصف بالمنطقة من شأنها أن تؤثر على الأوضاع والقضية الفلسطينية بصورة لافتة الأمر الذي يفرض ضرورة الحذر والأهم التصرف بحكمة والترقب لما هو آت بروية وانضباط لكن هذا التصور على أهميته التكتيكية

هل يجدي نفعا بعد سنوات طويلة من وويلات الفقد والعذاب والمعاناة مع محتل إرهابي ومجرم ضرب عرض الحائط بكل مبادرات السلام والمواثيق والمعاهدات الدولية وحتى التفاهمات الخاصة واباد الحرث والنسل ودمر البلاد بكل قسوة ووحشية الجواب بكل تأكيد هو ان الصهاينة الغاصبون لا يفهمون الا لغة والكارلو والرصاص والفؤوس والسواطير والدم حتى يذعنوا للحق صاغرين ويرتدوا عن غيهم مقهورين لأنه في النهاية ما اخذ بالقوة لا يسترد الا بالقوة

من اجل ذلك لابد من تصعيد كل وسائل وأدوات الاشتباك مع الاحتلال في كافة الساحات والميادين ولجم عدوانه وإجرامه وأن تبقى فصائل المقاومة في حالة جهوزية تامة للرد على أي حماقة عدوان أو عملية استهداف او اغتيال جبانة

mahdimubarak@gmail.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :