أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات مَصَحَّةُ الأَحذية!

مَصَحَّةُ الأَحذية!

17-09-2014 11:39 AM


مَصَحَّةُ الأَحذية!
حيدر محمود
ثَمَّةَ مصطلحاتٌ لغويةٌ طريفة تلفت النظر، وتُثير استغرابَ من لا يعرفون "تونس" على وجهِ الخصوص، فالاشتياقُ اللغويُّ عند اهلها يختلف كثيراً عمّا هو سائدٌ عندنا.. وقد فاجأني أول ما ذهبت اليها، قبل نحو عشرين عاماً، يافطاتُ محلاتٍ بعينِها أثارت دهشتي.. رغم كونِها تأتي في السياق الصحيح لّغةِ الفَصيحة، وتُفيد المعنى المقصودَ تماماً..
و"مصحةُ الأَحذية" واحدٌ من تلك العيادات.. التي تَشي بأنَّ هذا المحل بالذات مختصٌّ بتصليح الاحذية.
واذا كان التّصليح أو الاصلاح يعني إعادة "الشَّيء التالف" صالحاً فانّ التّصليح كذلك يعني إعادة ذلك الشيء صحيحا.. حتى ولو كان حذاءً... ألم نكن نحن "المشرق كله" نذهبُ الى مكان يسمى "الاسكافي" ليضع لحذائنا المُهترىء من كُثرةِ المشي، في الطرق الوعرة الصعبة "نُص نَعل"!؟
وَجُلُّ الناس، ولا أقول كلُّهم، لم يكونوا يملكونَ غير ذلك الحذاء الوحيد الذي عنه اخترعوا الحزورة الطريفة "ما هو اكثر ما يلازمك أطولَ مدة في النهار؟!".
واضاف المضيفون اليه سؤالا آخر من بعد، ليأخذ منزلةَ "الحكمة" ويصير: "ما هو أكثرُ شيءٍ لا تتخلّى عنه ولا يتخلّى عنك الى اخر العمر؟" انه الحذاء بالطبع.. فَلِمَ لا تكون "مصحة تعالجه من المرض، وتحميه حتى من الصداع؟!".
وهناك ايضا عبارةٌ طريفة اخرى تطالعُك في المناطقِ السياحية، مثل "وكالة كذا للخلاعة"!
والخَلاعة ليست كما قد يتصور البعض، وانما هي كلمةٌ مشتقة من "خَلَع" يخلع ملابسهُ الرسمية عند البحر، باعتبار انّ لا سياحةَ اصلاً اذا لم يكن بحر.. وأيام كنت هناك.. كان عددُ السياح الاجانب يتجاوزُ عددَ السكان.. يأتون للاستمتاع بالابيض المتوسط، باسعارٍ تقل كثيراً عن البقاء في مازلِهم في المانيا مثلا، او فرنسا، او ايطاليا!!!
ولا أدري الآن.. بعد كل هذه السنين.. ما هو حالُ السياحة في "الخضراء" التي احِبُّها بالفعل.. أَمْ أنّ التغيير شَمل ايضاً "العبارات" الطريفة للأشياء.. وهي كلُّها صحيحة الاشتقاق من "لغتِنا الجميلة" ولا غبارَ عليها؟!





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :