أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات حُمّى إرتفاع الأسعار

حُمّى إرتفاع الأسعار

08-05-2014 10:40 AM

د. محمد طالب عبيدات
كخطوة استباقية وفي ظل حمّى إرتفاع الأسعار المطّرد والذي بدأنا نشهده وقبل شهر رمضان المبارك آثرت أن أكتب في هذا الموضوع لأهميته وحساسيته وتكرار مسلسله السنوي في مثل هذا الوقت بالذات. والحكومة معنية مباشرة بهذا الموضوع لغايات توفير سبل العيش الكريم للمواطن –وخصوصاً محدودي الدخل منهم- وفق التوجيهات الملكية السامية.
وربما من نافلة القول بأن ثالوث متغيرات المعادلة الاقتصادية يقوم على الحكومة كمنظم ومراقب لذلك والتجار كمصدرين وموردين للسلع والمواطنين كمستخدمين أخيرين للسلع. وفي ظل غياب وزارة خاصة بالتموين للمراقبة في ظل سياسة الاقتصاد الحر وتحرير الأسعار وضبطها والخصخصة فان طرفي المعادلة هما المواطنون والتجار! والملاحظ هنا أن ممارسات بعض التجار غريبة البتة في الأردن! فهم يرفعون الأسعار في حال موجة الرفع العالمية بدعوى ارتفاع النفط أو مستلزمات الإنتاج أو رفعها من دول المنشأ، بيد أنهم لا يتأثرون بموجات الانخفاض بتاتا، متناسين أنهم مواطنون أيضا! وهذا مؤشر جلي على جشع التجار وطمعهم الزائد وعدم مخافتهم لله وعدم حسابهم حساب الحكومة كمنظم للأسعار وفق القانون المرعي للصناعة والتجارة أو حتى حسابهم للشعب كمتلقي خدمة ولا يهمهم رضاه كزبون دائم ولا يعبأون بمقاطعتهم له أو إتباعهم لسياسات ترشيد الاستهلاك. إن الملاحظ أن الكثير من تجارنا يستغلون ظروف الناس المادية الصعبة ويرفعون الأسعار بشكل جنوني وغير معقول من منطلق الجشع وغياب الرقابة عليهم، وهذا بالطبع يؤشر إلى ضرورة مراقبتهم من خلال هيئة رقابية للأسعار وإلا ستبقى الأسعار مفتوحة على الغارب في ظل غياب التنافسية الشريفة على الأسعار ونوعية المنتج كمتطلبات أساسية للسوق الحر.
ولطالما نبّه الكثير من الإقتصاديين وأصحاب القرار بأن التحدي الأساس الذي يواجه الأردن هو زيادة الأسعار المرتبط أصلاً بمسائل النمو الإقتصادي وقضايا الفقر والبطالة وسوق العمل، وبالطبع فإن هذا الموضوع من الأهمية بمكان لأنه يعتبر عصب الحياة بالنسبة للمواطن محدود الدخل. ومن هنا فلا بد من إيجاد الآليات والوسائل والسبل الكفيلة لكبح جماح هذا التحدي. وأعتقد جازماً بأن الحكومة تستطيع التعاون مع التجار لإيجاد آليات قابلة للتطبيق للخروج من هذه المعضلة، سواء بإيجاد الأسواق الشعبية أو معادلة توفيقية لتخفيض الأسعار وفق أسس ومعايير أو غيرها، وإن لم يستطيعا فأقلها تطبيق قانون الصناعة والتجارة وخصوصاً المادة السابعة منه بشأن ضبط تعويم الأسعار وتباينها وفق حد أدنى وأعلى للسلع الأساسية. وهنا نعوّل الكثير على المواطنين والشباب منهم لغايات مواضيع بعينها كترشيد الاستهلاك ومقاطعة التجار الجشعين وتنظيم حملات توعوية للمواطنين لرفع توعيتهم بسبل ترشيد الاستهلاك وضبط الإنفاق.
وبالرغم من الجهود الحثيثة التي يقوم بها جلالة الملك وتوجيهاته لحكومته الرشيدة للتخفيف على المواطنين وبشتى السبل إلا أننا ما زلنا نلحظ زيادة للأسعار من قبل بعض التجار وبإطراد ضاربين عرض الحائط بكل هذه الجهود في سبيل حفنة من الفلوس ليضعوها في جيوبهم وبطرق ابتزازية رخيصة وبأساليب تحايل رهيبة فيها رائحة التحدي للمواطنين كافة والحكومة على حد سواء، وبالطبع ذلك الوضع لا يستطيع المواطن من ذوي الدخل المحدود ومن الطبقتين الوسطى –التي تلاشت البتّة- والفقراء شراء حاجياتهم الأساسية وفق دخولهم المتآكلة لقيمتها ومقدارها أصلاً، مما أثّر وسيؤثر أكثر –إن لم تتم معالجته- على الوضع الإجتماعي وحتى السلم المجتمعي والأمن الإجتماعي والذي بدأنا نلمسه ولا نستسيغه البتة هذه الأيام، ونخشى المزيد من حالات التطرّف والتصرفات الهوجاء كنتيجة حتمية لذلك إن لم يتم ضبط إرتفاع حمّى الأسعار لتتوافق مع مدخولات المواطن البسيط والذي من أبسط حقوقه الحياة الكريمة وتوفير السلع الأساسية له !
المطلوب من الحكومة فوراً ودون إبطاء مراقبة الأسعار وضبطها وإيجاد جهة رقابية لهذه الغاية حتى لو أدّى ذلك لإعادة وزارة التموين! والمطلوب إيجاد طرق جديدة مبتكرة لتوفير المواد الأساسية للمواطن من ذوي الطبقتين الفقيرة والمتوسطة بأسعار تناسب دخله، والمطلوب من المواطنين مقاطعة الجشعين من التجار حتى يتسنى لهم مراجعة أنفسهم وضمائرهم لغايات وقف الاستغلال الزائد للمواطنين خصوصا الغلابا منهم! وأنا شخصياً أعي بأن الحكومة أرحم من الشعب –المتمثّل ببعض التجار- على أنفسهم، ونعول على الطبقة الواعية والمثقفة والشباب خصوصاً هنا الكثير على سبيل توعية الناس لمقاطعة التجار الجشعين ووضع قوائم سوداء لهم وعلى سبيل الاقتصاد بالمصروف وعمل حملات توعية للمواطن والتاجر معاً، وإيجاد ثقافة المقاطعة للسلع التي تباع لدى التجار الجشعين حتى ولو كانت هذه السلع ضرورية، كي تكون معادلة الأسعار موزونة بمشاركة الحكومة والتجار والمواطن. * وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :