أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات الجامعات والأحزاب السياسية

الجامعات والأحزاب السياسية

20-02-2014 09:51 AM

د. محمد طالب عبيدات

تصريحات ربما تكون خطيرة جداً على الجامعات، تلك التي أدلى بها الزميل وزير التنمية السياسية والشؤون البرلمانية، مع مطلع الفصل الثاني بالجامعات، من حيث الترويج للأحزاب السياسية داخل الجامعات من خلال الاحزاب نفسها بحيث تضع خيماً أو دكاكين لها داخل الحرم الجامعي لاستقطاب الطلبة وترويج أفكارها وبرامجها ومخططاتها.
فعُرفاً هنالك مؤسسات مستثناه عالمياً من الممارسة الحزبية وتشمل المؤسسات التربوية والدينية والأمنية والقضائية لأنها ببساطة مؤسسات وطنية يجب المحافظة عليها من ناحية الحيادية والاستقلالية؛ لأنها صمام أمان الدولة في مجال القوى البشرية. ولهذا فإن دولاً متقدمة ديمقراطياً وحزبياً ولها تجارب مدنية عتيدة لا تُمارس فيها الحزبية بالجامعات، وأتحدى أن نجد ولو جامعة واحدة من جامعات الولايات المتحدة الأمريكية أو الجامعات الأوروبية المرموقة تُمارس فيها الحياة الحزبية بالجامعات أو حتى يتم الترويج لأفكار حزبية فيها.
وأتساءل ألم يتعظ معالي الزميل المحترم وحتى الحكومة الرشيدة من تجربة إدخال الأحزاب في دول الجوار كسوريا والعراق ولبنان وما حل بالجامعات وبهذه الدول جراء ذلك وعلى الأصعدة كافة؟ وهل نحن بحاجة لمزيد من التخندق الاجتماعي في جامعاتنا أكثر من قضايا العنف الطلابي التي تعصف في معظم جامعاتنا وتؤرق أمن بيئاتنا الجامعية؟ وهل تسعى وزارة التنمية السياسية لتأجيج الأمن الاجتماعي في الجامعات باسم الديمقراطية والحياة المدنية؟
هنالك فرق كبير بالسماح للطلبة ممن أعمارهم فوق الثامنة عشرة -وفق قانون الأحزاب السياسية- بالانتماء للأحزاب خارج الجامعات من جهة، وبممارسة الحزبية داخل الحرم الجامعي من جهة أخرى. فممارسة الحزبية داخل الجامعات يعني إشعال حرب غير مُعلنة بين الطلبة وخصوصاً أن الفرص بين أحزابنا الوطنية غير متكافئة، وبعض هذه الأحزاب ضليع في العملية الحزبية والتنظيمات والانتشار والبعض الآخر ذو تجارب ما زالت غضّة وبدائية، فالفرص غير متكافئة وهذا يتعارض مع الدستور الأردني الذي كفل تساوي المواطنين في مسألتي الحقوق والواجبات.
لقد طرحت الموضوع للحوار من على صفحتي الخاصة في موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك ومجموعات الواتسآب اللذين يرتادهما عشرات الآلاف من الأصدقاء والمشاركين، فلم أجد من يؤيّد هذا الموضوع البتة، بل على العكس أطلق الجميع تحذيرات وتخوّفات شديدة اللهجة أكثر مني؛ مُنطلقين من حرصهم على مؤسساتنا الأكاديمية وخصوصاً في ظل تشرذم الانتماءات وضياعها بين الهويات الرئيسة والفرعية، وبعضهم تذكّر أيام الحزبية في الخمسينيات من القرن الماضي والمُشادات التي كانت تفتك بحوارياتهم وحلقاتهم الحزبية، وبعضهم حذّر من تنامي حالات العنف الطالبي جراء ذلك، وبعضهم حذّر من حالات التشرذم والضياع والفتن، وبعضهم شدّد على أن يُقتصر دور الجامعات في التعليم والتعلّم والحوار الفكري لتكون مراكز علمية وفكرية، وبعضهم حذّر من الأجندات الخارجية على الوطن، وأفكار أخرى عديدة كلها تدعو لرفض فكرة إدخال الحزبية للجامعات أو تسييس التعليم.
بصراحة مطلقة إذا مورست الحزبية في وضح النهار أو حتى في عتمة الليل في جامعاتنا فكأننا ندق آخر مسمار في نعشها أو نقرأ على الدنيا فيها السلام! ألا يكفينا ما يؤرقنا بالجامعات من عنف جامعي وتدني مستوى جودة التعليم وغيرها؟!.
وبملء فمي أقول، لا للحزبية في الجامعات، وقلبي على مؤسساتنا الأكاديمية لا بل على وطني إذا ما مورست الحزبية بالجامعات وسُيست العملية الأكاديمية، وهنا أضع الكرة في مرمى الحكومة لإعادة دراسة تبعات هذا الموضوع الخطير من كل النواحي ووضع حدّ للطروحات المتطرفة في هذا الصدد، والتركيز على أن تكون جامعاتنا مراكز إشعاع علمي وفكري وفق الرؤى الملكية السامية! * وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :