أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات الفحم والألماس مصدرهما واحد .. ولكن شتان...

الفحم والألماس مصدرهما واحد .. ولكن شتان مابينهما .. !

11-09-2019 11:13 AM
ناديا هاشم العالول

داولت السوشال ميديا قولاً: «لا تزعل على شخص لم يعرف قدرك لأن الأعمى لو لمس جوهرة فلن يثمّنها»!! وصدقوني لم أربط مضمون هذا القول بالأشخاص، بقدر ما ربطته بإهمالنا للحقيقة بصورة عامة متشبثين بالوهم قالبين القبيح الى مليح والطالح الى صالح والقذارة الى نظافة متخيلين «زرّ» الفحْمِ وسُخامِه جوهرة مصقولة مشعة، لتمسّك البعض بلخبطيطة أبدية تقلب العقول وتخلخل المفاهيم! فأعظم عطايا االله سبحانه هو العقل الذي يدبّر الإنسان ويديره ايجابا ويهديه نحو الأفضل بكل الميادين العلمية والعملية والإبداعية.. الخ لتترك محصلتها بصمات إيجابية على الإنسانية جمعاء.. صحيح أن الفحم والكربون والماس والجرافيت هي صور متأصلة لعنصر الكربون خواصها الكيميائية متشابهة ولكنها تختلف بالخواص الفيزيائية فالماس الطبيعي: معدن نادر جدا في الطبيعة يتكون من الكربون ويتشكل عند ضغط وحرارة عالية على عمق 100 ميل ليخرج على السطح بسبب الانفجارات البركانية.. دون ان ننفي الدور الكبير للفحم الحجري كوقود تم استعماله ابان الثورة الصناعية بأوروبا.. وبالرغم من عنصر «الكربون» مصدرهما لكن شتان ما بين الفحمة والألماسة! وكذلك شتان ما بين الوهم والحقيقة! إلا أن المتقلّبين الرافضين للحقيقة يدّعون بأنه لا يوجد طريقة صادقة تصف الواقع وان كل شيء نسبي، ولهذا- وفق وجهة نظرهم - لا يوجد حقيقة واقعة. ونتيجة لذلك لا يوجد سلطة تحدد الفعل الإيجابي أو السلبي، الصالح أو الطالح مما يفسّر «الأخلاقيات الموقفية» بأعظم أشكالها. فحيث أنه لا يوجد صالح أو طالح فالتصرف الذي يبدو مناسباً للموقف هو التصرف الصالح. وبالطبع يقود لفعل «أي شيء يشعرنا بالسعادة» سواء عقلياً أو فعلياً، مما يتسبب في عواقب وخيمة لكل من الفرد والمجتمع. فوق فلسفتهم «السفسطائية» فما دام الموضوع يناسبني او يسعدني فهو أكيد الحقيقة نفسها.. أية فوضى هذه التي سنصبح عليها كلما تشبثنا بالمتغير دون الثابت فما يكون اليوم حقيقة يصبح عكس ذلك غدا وهكذا. بينما الحقيقة ثابتة لا تتغير فالعدل مثلا لا يتلوّن وفق الإنسان والزمان والمكان.. فكما ان «الفحم» ليس «ألماسا» كذلك «الحقيقة» ليست «وهْما»..ويطالبنا البعض بمجاراة زمننا هذا - زمن الشقلبة - بقولهم: - إذا انجن رَبْعك.. ما بنفعَك عقلك ! فينتابنا بعض الشك للحظات سائلين انفسنا: ترى.. هل نحن عقلاء بين المجانين ام مجانين بين العقلاء؟ فيعود الينا اليقين منبها الى ان شمس الحقيقة لا تتغطى بغربال فالعاقل بين المجانين هو مجنون بنظرهم وموقعه تماما مثل «المفتَّح بين العميان»، وهو بالتالي مُتّهم من وجهة نظر المجانين والعميان.. فلُنصرّ على «الحقيقة» لكونها محصّلة كل علم و معرفة، ومطلوبة لتحقيق النمو والتقدم.. فرجاء كفانا سذاجة وكفانا شقلبة.. فالوضع لا يحتمل المزيد من تفضيل «الطالح» على «الصالح» و«اللامعقول على المعقول» و«الفحم على الألماس» إما جهلا اوعِنْدا او لغرض بنفس يعقوب!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :