أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات رواية المدرج الروماني 

رواية المدرج الروماني 

26-12-2018 03:01 PM

علي القيسي


رواية ليست ككل الروايات، رواية ترجعنا الى الماضي السحيق، الى البيئة الموغلة في القدم ، احتاج الراوي القرنة الى خيال فانتازي غير طبيعي ،، خيال خصب مجنح حتى استطاع أن ينقلنا من الحاضر السائد المعاش القرن الحادي والعشرين ،الى قرون ما قبل الميلاد،،
جال بنا من عمان الحاضر الى عمان فيلادلفيا قبل الميلاد ،، تخيلوا أصدقائي هذه القفزة العملاقة بين زمانين ،، زمان انتهى مع أهله بكل تفاصيل الحياة وجبروتها وقسوتها وحكمها وحكامها وتاريخها وبيئتها الاجتماعية والتاريخية والاقتصادية والثقافية والأمنية ،
 عندما تتحدث عن الرومان قبل أربعة آلاف سنة وتكتب رواية عنهم وعن تفاصيل حياتهم هذا يعني أنك خارق في الفكر والخيال،، وأنك متفرد ومتميز ،
 رواية المدرج الروماني رواية جديدة للرواي والأديب مصطفى القرنة ،وهي اضافة نوعية لرواياته السابقة ، واعتقد جازما إنها الرواية الأولى التي كتبت عن المدرج الروماني وعن مدينة فيلادلفيا القديمة التاريخية ابان الحكم الروماني ، لم يسبق القرنة أحد من الكتاب والروائيين في هذا المضمار ،، تدور أحداث الرواية الرومانية ،، حول مدينة فيلادلفيا وبناء المدرج الروماني والقلعة في وسط مدينة عمون فيلاديلفيا ،،أيام الزمن الروماني،، وكانت المدينة تتهيأ لاستقبال الامبراطور الروماني ( هادريان ) لافتتاح وتدشين المدرج الروماني وأماكن أخرى في المدينة ،،
 حيث الفضاء الروائي زاخر بالأحداث والشخوص والعمل والحيوية في متابعة الاحداث وتشخيصها خطوة خطوة ،،
 المدينة التاريخية فيلادلفيا تستعد لاستقبال الامبراطور وهذا أمر هام جدا ،، ويتحمل مسؤوليته الحكام الاداريين للمدينة ،،وايضا المهندسون والضباط والجنود والشعب كله ،،فقد كان الامبراطور هادريان يصل الليل بالنهار لبناء المدن العشر في الشرق وهي (الديكابولس ) وهي فيلاديلفيا عمان؛
 أبيلا ،حرثا، جراسيا، جرش،، جدارا ،،ام قيس،، كانثا ،،ام الجمال،، بيلا طبقة فحل ،،دايون ،،ايدون،، هيبوس،، الحصن،، بيسان ،،بيت شان،،بصرى الشام،
 وهذه المدن التاريخية شاهد على عمق الحضارة الانسانية الموغلة في التاريخ ،،
 نعود لتشخيص أحداث وشخوص وزمان ومكان النص، الروي شخصية (اليانوس) في السرد تكاد تكون محورية ،فهذه الشخصية الرومانية تمضي وتواكب احداث الرواية من بدايتها حتى النهاية ،، ومنذ أن تعرض اليانوس الى لدغة أفعى أثناء وجوده مع عشرات العمال في الكهف وكاد يلفظ انفاسه لو وجود طبيب قام بإسعافه حالا ،،الى أن فرّ هو واثنان من زملائه بعدها من السجن الموجود في القلعة ،،
 وأصبح مناضلاً شرسا ضد الرومان وقد قتل منهم الكثير أثناء هروبه مع مجموعة من البدو الذين كانوا يقطنون الصحراء ،، الى أن تم القاء القبض عليه من قبل دورية للرومان حيث تم سجنه ثم تم حرقه حياً ؟؟؟؟
 شخوص الرواية يتحركون حسب المهمات الملقاة عليهم في حدود عملهم منهم المهندس والمترجم والجندي والعامل والسجين ،،كلهم هدفهم ومهامهم العمل في الساحات الكبيرة والشوارع لبناء المدينة وتعبيد شوارعها وساحاتها بالبلاط القديم الحجري والاعمدة الضخمة التي توضع في المدرج الروماني كما نشاهده اليوم في عمان آثارا وأطلالا للحقبة الرومانية التي دامت الثلاثة الاف عاما،،
 كما أن الرومان وأهل المنطقة كانوا يعبدون الأوثان فهم وثنيون بامتياز ولا يعرفون أياً من الأديان السماوية في ذلك الوقت ،،؟؟!!- حتى انهم حين سمعوا بالديانة المسيحية استغربوا واندهشوا وحاربوا هذا الدين الجديد ،، وكانوا الرومان يعاقبون من يعلن مسيحيته وايمانه بالسيد المسيح في بداية رسالته ونزوله ،، وكان الذي ينتمي أو يؤمن بهذا الدين يتم تقديمه للأسود الجائعة لتأكله على مراءى من الناس ليكون عبرة لغيره ؟؟؟ كما حدث مع العجوز (جانيوس) الذي شاهده أحد جنود الرومان وهو يقوم بإشارة التثليث الصليب على صدره ،، حيث أودع السجن فترة قصيرة ، ثم التهمته الاسود ،،
 أحداث الرواية ممتعة جدا ،، ونستخلص من قراءاتها أشياء كثيرة ،، وهي ان المنطقة التي نسكنها الان وهي عمان والأردن وبلاد الشام تعرضت لاحتلالات كثيرة وغزو أجنبي على مدى التاريخ القديم والحديث،، ونحن بصدد الرومان وتاريخهم في هذه الرواية التي يذكر فيها أن عمان أو فلدلفيا سابقا ،، كانت غابة كبيرة كثيفة الاشجار والمياه ،، ويعيش فيها التماسيح والاسود والفهود وغيرها من الحيوانات المفترسة المرعبة ،،وكان كبار ضباط الجيش الروماني ووجهاء المدينة يقومون بتربية هذه الحيوانات الخطيرة في منازلهم ،، لأنها متوفرة بكثرة حيث كان هناك انهار في المنطقة تغص بهذه الكائنات التماسيح وغيرها وغابات كثيفة يعيش فيها الاسود والغزلان والذئاب والحيوانات المفترسة الاخرى،،
 أما مايستشف من هذه الرواية هو أن الظلم كان سائدا آنذاك لا يوجد رحمة ولا عدل ولاحق ولا دين يُتبع ،، فالرومان شعوب بربرية لا تعرف الله ،،رغم انهم بارعون بالإعمار والفنون والهندسة ورصف الشوارع والساحات وبناء المدن ؟؟؟
 بقي القول إن أحداث الرواية المدرج الروماني أحداث يختلط فيها الخيال بالواقع والوهم بالظن والحقيقة او انصاف الحقائق،، ولا استطيع رصد كل التفاصيل في هذه الرواية الجديرة بالقراءة والاستمتاع والثقافة والخيال ،، والتجوال في عوالم قديمة مدهشة واسقاطها على الحاضر المعاش في عمان والمدن الاخرى التي ترك بها الرومان بصمة واضحة وعميقة يشهد لها التاريخ والجغرافيا ،على مدى التاريخ الانساني كله.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :