أخر الأخبار

أعداء واصدقاء

02-03-2013 04:02 PM


أ. د. فيصل الرفوع

قالت العرب، عاربها ومستعربها، «رحم الله من عرف قدر نفسه». ونحن في الأردن أحياناً نبتعد عن العقلانية في تحليل المواقف او الدور او حتى الحكم على الآخرين... بل في أحيان كثيرة لا نفرق بين الزميل والصديق والأخ... بين الحليف والعدو... وفي أحايين كثيرة نخطيء التقدير وتختلط علينا الأسباب والنتائج.. فنتصرف بعقلية الأنا الإفلاطونية والبعيدة عن الواقع وعالمه.
صحيح بأن لنا رصيدا استراتيجيا يتمثل في القيادة الجمعية وما تفرزه من استقرار سياسي نسبي مقارنة مع المحيط. لكن هذا لا يكفي لبناء دولة قوية وقادرة على حماية وجودها ومستقبل أجيالها القادمة. فقد خسرنا نصف مملكتنا ونحن نعقتد بأننا حلفاء للغرب، ولم ترحم إسرائيل، لا ضعفنا ولا علاقتنا، التي ما زلنا نعتقد بأنها مميزة وتحالفية مع الغرب - عراب وجودها وإستمراريته، حيث ما زالت تشكل إسرائيل، بالتعاون، مع حلفائها من دعاة الوطن البديل وثقافة المحاصصة، مصدر التهديد الرئيس للأردن ووجوده.
وبكل أسف ما زلنا لا ندرك طبيعة الفرق بين الوجود والدور، وارتباط ذلك بعلاقات الأردن الخارجية. فمعظم علاقاتنا الخارجية يحكمها الدور وليس الأهمية الوجودية للدولة. فقد شاءت الأقدار، ومن ثم ظلم الطبيعة وبعدها عن العدل والإنصاف، أن يتزامن وجود الأردن السياسي مع ندرة الموارد وشحها، مما جعل الخيارات الاستراتيجية أمام الأردن، خارج نطاق الدور، محدودة وغير فاعلة. الأمر الذي أدركه الملك المؤسس، المرحوم عبدالله الأول، حيث آمن بمبدأ الاستراتيجيته الوحدوية، سواء المبنية على وحدة سوريا الكبرى أم على هلالها الخصيب، وقد دفع حياته ثمناً لفكره الوحدوي.
وبالرغم من أن الدولة الأردنية منذ النشأة، خاصة على المستوى النظري، وهي تنجذب وبكل قوة نحو المصلحة القومية والعمل العربي المشترك، دون الالتفات الى مكاسب او مغانم قطرية او فردية او ذاتية. ولها ثوابت تنطلق منها وترتكز اليها وتمثل مرجعيتها السياسية والاجتماعية والفكرية والثقافية، وعلى رأس هذه الثوابت، الايمان بأن الأمة العربية هي كينونة واحدة، ومشروع نهضوي متراكم منسجم مع ذاته، ومتجه نحو التلاقي والتكامل والتوحد، متجاوزاً كل العقبات التي توضع امامه لتثبط العزم وتقوض الهدف وتزعزع الايمان وتضعف الصف. إلا أن الواقع لا يلتقي أحياناً مع النظرية. فحتى علاقات الأردن العربية، ونتيجة لسوء التقدير، يحكمها المتغير وليس الثابت، مما جعل الآخرين، بقصد او بدونه، لا يأخذون السياسة الأردنية على محمل الجد، وخارج نطاق الدور المحكوم بتأريخ للصلاحية «The Expiry Date».
وكثيراً ما نسمع عن الوسطية في علاقاتنا الخارجية، ونعتقد بأن رصيدنا من الأعداء لا يزيد عن الصفر..وبأن لنا دور محوري.. ولنا أصدقاء وأشقاء... ووووو!!!. والواقع عكس ما نعتقد. فهل سيقف أصدقاؤنا وحلفاؤنا «الحمل الكاذب» مع الأردن إذا ما تعرض لخطر ما...؟؟؟ وهل ممكن للأشقاء أن يساهموا في أن يقف الأردن «على رجليه»، وليس ضمن شعار « لا يجوع الذيب ولا تفنى الغنم»..؟؟؟... أعتقد بأن المهم أن يكون لنا أصدقاء وحلفاء، وليس المطلوب أن لا يكون لنا أعداْء.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :