أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات قواعد اللعبة السياسية

قواعد اللعبة السياسية

28-02-2018 01:55 PM

الدكتور رحيل غرايبة

السياسة لعبة جماعية مشتركة ، لها أصولها و قواعدها و معاييرها و ضوابطها ، و تتغير بتغير الظروف و الأحوال ، و تتطور بتطور الخبرة البشرية ، و تتراكم فيها الخبرة تراكما ايجابيا ، و تنتقل من جيل الى جيل ، و هناك تفاوت واسع و تباين كبير بين الشعوب و الأمم في التعامل مع هذه اللعبة التشاركية ، بحسب قدرة المجتمعات على اتقان فن التعامل مع المشتركات و ادارة المصالح العامة .
المعيار الأكثر أهمية و الأعمق أثرا في استقرار المجتمعات و ازدهارها في اداء اللعبة السياسية يتمثل بامتلاك القدرة الجماعية على ادراك معنى "التوازن " بين الأطراف المتجاذبة في اللعبة ، لأن فقدان التوازن في اللعبة اي لعبة يترتب عليه جملة من الاثار الخطيرة التي تهدد الاستقرار ، و تمنع التقدم ، و تطيح ببقية المعايير الأخرى ، لأن اللعبة تصبح بلا معنى وبلا متعة ، مثل اقامة مباراة كرة قدم بين فريقين ، أحدهما : فريق كبير و عريق و متكامل و ذو خبرة و مكانة و ملئ بالنجوم ، وفريق اخر ضعيف و مفكك و بلا خبرة ولا تدريب و لا امكانيات ، فتصبح اللعبة ضربا من العبث و لا تحقق أغراضها و لن تجد الاقبال و لا المتابعة ولا المتعة ، و لن تستمر و سوف يكتب لها الفشل .
هذا المعنى ، و ما يحيط به وما يدور حوله ينبغي ان يكون في تمام الادراك و الوعي لدى الأنظمة الحاكمة في البلاد العربية واصحاب المسؤولية ، لأن الاصرار على التجاهل و عدم ملامسة المشكلة و عدم المسارعة الى الحلول و المعالجات ، سوف يؤدي مرة أخرى الى الفوضى العارمة و سوف يؤدي الى مزيد من الانحطاط و التأخر ، نتيجة فقدان الأمل لدى الشعوب العربية و فقدان الفاعلية و الدافعية نحو العمل ، و ليس هناك أكثر ضررا من سيطرة مشاعر اليأس و الاحباط العامة على المجتمعات البشرية التي سوف تؤدي بها الى فقدان معنى الحياة نتيجة انسداد الأفق أمام الأجيال بفعل الادارة المتسلطة المتفردة لشؤون الدول و الاستيلاء على مقدراتها .
واذا أردنا أن نفصل في ذلك على نحو أكثر وضوحا ، فيمكن القول أن الذهاب الى انتخابات محسوبة سلفا تخلو من الحرية الحقيقية و تغيب فيها الارادة الشعبية يؤدي الى قناعة شعبية راسخة بأنها عبارة عن قوالب شكلية تخلو من الروح و تخلو من الجدية و تخلو من المنافسة الحقيقية ، فهذا يعني بكل تأكيد قتل للروح المعنوية للأمة و امعان في السير في طريق الفناء المحتم ، و ينطبق ذلك على لعبة انشاء المجالس النيابية العاجزة عن القيام بدورها الدستوري ، و العاجزة عن القيام بمهمتها الاولى في الرقابة و التقويم ، و العاجزة عن نزع الثقة بالحكومات الفاشلة ، مما سيؤدي حتما الى لعبة سياسية مختلة ، يحتكر طرف واحد وضع قواعدها و ضوابطها و معاييرها و يتحكم بنتيجتها سلفا ، مما يؤدي الى مصادمة الحق ومصادمة الفطرة البشرية ومصادمة المنطق في وضع قواعد اللعبة ، و عندما يختل التوازن في اللعبة فهناك سير مؤكد نحو الفشل و العجز و النهايات المؤلمة .
قواعد اللعبة السياسية في العالم العربي تحتاج الى اعادة تصميم و بناء جديد على مبدأ التوازن الحقيقي بين الأطراف المشتركة بحيث تصبح الشعوب طرفا فاعلا و مؤثرا و لاعبا حقيقيا ، من خلال مشاركتها في اختيار الحكومات ، و مشاركتها الفاعلة في ادارة مقدراتها ، و ، و تمكينها من الرقابة على اداء أصحاب المسؤولية ، التي تعود على كل الأطراف بالاستقرار و الازدهار و لا تخص طرفا بعينه .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :