أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات تسـويــق الكـفــاءات الأردنـيـــة

تسـويــق الكـفــاءات الأردنـيـــة

27-09-2017 01:36 PM

د. محمد طالب عبيدات

يشهد الأردن – والحمد لله تعالى- ثورة تعليمية كميّة وربما نوعية، إذ أن الجامعات تحوي ما يربو عن ربع مليون طالب وطالبة على مقاعد الدراسة ونسبة لا بأس بها تدرس بالخارج أيضاً، ويتخرّج منهم سنوياً أكثر من خمسين ألفاً. وتشير الإحصاءات أن ملفات ديوان الخدمة المدنية تحوي أكثر من 308 آلاف طلب توظيف، ومع الأسف لا يتوظّف منهم أكثر من 6% إلى 7% سنوياً في وزارتي التربية والتعليم والصحة وفي تخصصات محددة بعينها، وبعض طالبي الوظيفة يتّجه للقطاع الخاص الذي يستقطب بعض الكفاءات والتخصصات المحدودة وفق التنافسية أحياناً والواسطة والمحسوبية أحياناً أخرى. ما يؤشر إلى أن الكم الأكبر من الخريجين والكفاءات الأردنية إمّا تبقى عاطلة عن العمل أو تتجه لسوق العمل الخارجي.
سوق العمل في دول الخليج العربي مفتوح على الغارب حيث الإستثمارات والملاءة المالية، وهي فرصة مواتية لنشكر من القلب الأشقاء في دول الخليج العربي والذين يحتضنون معظم الأيادي العاملة الأردنية لخبراتهم وكفاءاتهم وتنافسيتهم لأنهم أيضاً يحتاجون للخدمات النوعية والإنتاجية عن طريق قوى بشرية مؤهلة ومدربة وكفؤة.

المشكلة أن هنالك ممارسات إبتزازية تمارس ضد بعض طالبي الوظيفة بالخارج وخصوصاً حديثي التخرّج من قبل بعض الشركات المحلية أو الأشخاص الذين يأخذون دور الوسيط في التوظيف. فعلى سبيل الأمثلة لا الحصر هنالك إقتطاعات مالية من رواتب طالبي الوظيفة لمدة عام أو إجبارهم على التوقيع على عقود برواتب هزيلة أو إجبارهم على توقيع عقود لمدد طويلة الأجل دون الحق بزيادة الرواتب وغيرها من الممارسات السلبية، هذا بالطبع لمن يجد أمل لفرص العمل، بيد أن الباقي ينضمّ لطوابير العاطلين عن العمل، هذا بالطبع في ظل توافر فرص العمل بالخليج العربي وغيره، فماذا لو إنكمش أو تراجع هذا السوق الذي يحوي قرابة نصف مليون أردني من أصحاب الكفاءات المتميزة؟ الدعوة هنا صريحة لحاجتنا الماسة لإيجاد جهة تنظيمية تساهم في تسويق الكفاءات الأردنية، وهذه الجهة تأخذ دور تنسيقي ليساهم فيها ويدعمها كل مؤسسات الدولة كل حسب إختصاصة لأن ذلك مسؤولية وطنية وحق المواطنة للمواطن على الدولة. فعلى سبيل الأمثلة لا الحصر واجب السفراء الأردنيين تزويد هذه الجهة التنسيقية المقترحة بفرص العمل المتاحة في كل الدول التي تربطنا بهم علاقات دبلوماسية وصداقة وأخوة، ويُعلن عن هذه الوظائف للعموم وفق أسس ومعايير شفّافة تماماً كعمل ديوان الخدمة المدنية الذي يتولّى التوظيف بداخل الوطن –وربما يُناط دور تنسيق التوظيف بالخارج أيضاً بنفس الديوان لخبراته المميزة في هذا الصدد-، وبعدها تتم عملية اختيار المتقدمين وفق المعايير والأسس المطلوبة للتوافقية بين شقي معادلة العرض والطلب.
هذا الطرح يصيب عدة عصافير بنفس الحجر، فمنها نحقق دعم للإقتصاد الوطني ونُعظّم مدخولات المغتربين، ومنها نُساهم بكبح جماح البطالة، ونوقف الإبتزازات التي تُمارس بحق البعض، ونُسوق كفاءاتنا ونوظّفها بالمكان المناسب.
هنالك دور غائب لمؤسساتنا المعنية بالتوظيف لغايات المساهمة بتأطير توظيف شبابنا خارج الوطن أو على الأقل السعي صوب إيجاد قاعدة بيانات بهذا الصدد، ونأمل من الوزارات المعنية كوزرات الخارجية وشؤون المغتربين والعمل والتعليم العالي وغيرها إيجاد صيغة توفيقية فيما بينهم للتنسيق لهذه الغاية.
بصراحة بتنا نحتاج لهبّة وطن وتضافر للجهود الوطنية للقضاء على البطالة والفقر المعضلتين المؤرقتين جداً واللتين باتتا مؤثرتين على الوضع الإجتماعي والسلم المجتمعي والأمن الإجتماعي والوضع النفسي لأبنائنا الشباب وأهليهم، وخصوصاً شق البطالة المقنّعة والتي تأخذ منحى تكديس للشهادات الأكاديمية، وبتنا أيضاً بحاجة لإستراتيجية جديدة توفيقية توائم بين حاجات سوق العمل المحلية والإقليمية ومخرجات التعليم العالي، وبتنا بحاجة لإستراتيجية جديدة لتنظيم تسويق الكفاءات الأردنية في الخارج تحديداً أساسها تضافر الجهود الوطنية صوب القضاء على البطالة.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :