الشاهد -
أكرم أبو الراغب
ذات ليلة من ليالي الشتاء الباردة ، كنت في زيارة صديق لي لأعود والده المريض ، كانت أبواب السماء مفتوحة بشتاء غزير والمزاريب تنهمر من اسطحة المنازل وكأنها شلالات نيجارا ، وقد خلت الازقة والحارات من المارة والناس وأغلقت الدكاكين والمحلات التجارية أبوابها وأنضب أربابها في بيوتهم ، كان بيت صديقي بيتا عربيا واسعا عتيقا جدا ومن أقدم بيوتات عمان ، وفجأة أصابت والد صديقي نوبة ألم شديد في صدره وضيق في تنفسه ، فأسرعت وطلبت له الدفاع المدني، وبأقل من ربع ساعة ، وصلت سيارة أسعاف الدفاع المدني ، فحملوا المريض وخرجوا به مسرعين نحو طوارىء مستشفى البشير ، وبالطبع ذهب صديقي مع والده ، وبقيت وحدي بالبيت ، كان البرد شديد جدا فاقتربت من المدفأة وجلست بجانبها ، وفجأة قطع التيار الكهربائي وعم الظلام أرجاء البيت ولم أعد أرى شيئا بالمرة ، وأصابني الوسواس فأخذت أتعوذ من الشيطان واقرأ آية الكرسي لعلها تبعد عني القلق الذي انتابني، وبالفعل هدأت نفسي ، فأخرجت من جيبي علبة السجائر وأمسكت بالقداحة وأشعلتها وإذ بي أرى أمامي مباشرة قط أسود جاحظ العينين يبحلق بي بطريقة مخيفة ، ومن شدة خوفي سقطت القداحة من يدي ، وعاد الظلام الدامس يخيم حولي وماعدت ارى سوى عيني القط ، حاولت أن اعود لاقرأ آية الكرسي ولكن لساني قد انعقد وجف حلقي ، حاولت أبحث عن القداحة متحسسا الأرض حولي فما شعرت إلا والقط يضرب يدي بمخالبه فصحوت من نومي مذعورا وحمدت الله العلي القدير على أن كل مارأيته ماكان سوى حلم مرعب .