أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية شايفك مؤشرات قانون الموازنة العامة للعام 2020 .. لم...

مؤشرات قانون الموازنة العامة للعام 2020 .. لم تعتبر من دروس موازنة 2019

10-12-2019 09:39 AM
الشاهد -

أحمد عبد الباسط الرجوب

يعتبر تفعيل أطر الشفافية المالية والمشاركة البرلمانية والمجتمعية خلال مراحل إعـداد وتنفيذ الموازنة العامة للدولة من أهم مبادئ الإدارة المالية، وذلك من خلال عرض الموازنة العامة للدولة بصورة واضحة وتفـصيلية وفقـًا للتـصنيف الاقتصادي والوظيفي في إطار المعايير القانونية المنظمة لكل منهما، وكذلك التـصنيف الإداري للموازنة العامة وفقاً لقانون الموازنة العامة للدولة...

البيان الذي ادلى به وزير المالية الأردني في جلسة مجلس النواب الاردني يوم الاحد بتاريخ 9 ديسمبر / كانون اول 2019، بما يتعلق بمشروع قانون الموازنة العامة ومشروع قانون موازنات الوحدات الحكومية للسنة المالية 2020، بإجمالي نفقات تبلغ 9.808 مليار دينار (13.8 مليار دولار)، مقابل إيرادات تبلغ نحو 8.561 مليار دينار ( 12.074 مليار دولار)، وبعجز مالي يبلغ 1.247 مليار دينار أردني (1.759 مليار دولار) مشمولة بالمنح الخارجية، بينما أشار إلى أن عجز الموازنة يبلغ دون المنح 2.054 مليار دينار (نحو 2.9 مليار دولار)، وبنسبة تبلغ 2.3 في المائة من uالناتج المحلي، وهو المبلغ الذي ستلجأ الحكومة لسداده عبر الاستدانة، بحسب ما توضح الموازنة، الأمر الذي يرفع مديونية الأردن من جهة، ويزيد فوائد الديون المتراكمة من جهة أخرى، ويساهم باتخاذ المزيد من الإجراءات الاقتصادية القاسية وفق توصيات الجهات المُقرضة.

(1) التحليل الرقمي

وتبعا لما تقدم، فإن التحليل الرقمي لهذه الموازنة يتناول جزئين رئيسيين وعلى النحو التالي:

الجــزء الأول: عرض توضيحي للتقديرات الأساسية الإجمالية للاستخدامات والموارد التي يتضمنها مشروع الموازنة العامة للدولة لسنة 2020

في دراسة متأنية لنص بيان وزير المالية المتعلق بمشروع الموازنة العامة، وبتحليل بياناتها بالأرقام التي ظهرت وما قد يوحي من مساحات التفاؤل الحذر حول ارهاصات هذه الموازنة ووقع تأثيرها على نمط حياة المواطن الاردني اليومية، وبعيدا عن التعريض للأرقام والبيانات الشارحة كما وردت في هذه الموازنة فقد توصلت الى بعض الاستنتاجات اوجزها على النحو التالي:

أ‌. لقد وضعت الحكومة لهذه الموازنة فرضيات مالية والتي تركزت على زيادة الإنفاق الرأسمالي، بنسبة 33%، في موازنة 2020، ما يعادل 1.567 مليار دينار مقارنة بالمعاد تقديره في موازنة 2019.واعتبرت الحكومة بأن هذه الزيادة، في النفقات الرأسمالية، ' تحدث لأول مرة، منذ سنوات ' وفي موازاة ذلك من الفرضيات تضمن مشروع قانون موازنة العام المقبل رفع مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي، إلى 146 مليون دينار، بدلا من 116 مليون دينار، المخصصات المعاد تقديرها في 2019، وتتضمن زيادة مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي، رفع مخصصات صندوق المعونة، وتخصيص مبلغ 4.5 مليون دينار، لتوفير مساكن، للأسر العفيفة.

ب‌. قدرت النفقات الرأسمالية لسنة 2019 بمبلغ مليار و243 مليون دينار.. وقد اتخذت الحكومة قرارا بوقف الإنفاق الرأسمالي قبل شهور، مما خفض ارقام اعادة التقدير للنفقات الرأسمالية لسنة 2019 إلى مبلغ مليار و71 مليون دينار.. وبالتالي تقدر النفقات الرأسمالية لسنة 2020 بمبلغ مليار و425 مليون دينار.. أي بزيادة بنسبة 15% عن ارقام التقدير وبنسبة 33% عن ارقام اعادة التقدير..

ت‌. كانت الحكومة قد قدرت الإيرادات الضريبية في موازنة العام 2019 بنحو 5.273 مليار دينار، إلا أنها لم تحقق إلا نحو 2.66 مليار في الأشهر السبعة الأولى، وبناء عليه قررت تخفيض نفقاتها الرأسمالية ومزيد من الدين كي تغطي العجز الحاصل بين الإيرادات والنفقات.

ث‌. قُدر العجز في الموازنة العامة لسنة 2019 بمبلغ 646 مليون دينار، في حين تشير أرقام إعادة تقدير لسنة 2019 إلى عجز يصل إلى مليار و214 مليون دينار (تقريبا الضعف).. خطأ في التقدير؟

ج‌.الإيرادات المتوقعة لموازنة 2020 (733 مليون دينار) (1.03 مليار دولار)، وبما نسبته 10.4 في المائة، مقارنة مع العام الماضي بعد إعادة تقديرها حسب بيان وزير المالية. (بالمقارنة مع موازنة 2019 في حين لم تحقق موازنة عام 2019 أكثر من 76 مليون دينار، أي نحو 7% فقط من الرقم المستهدف).

الجزء الثاني: يتعرض لانحراف مؤشرات موارد استخدامات الموازنة العامة للدولة وفقـًا للتـصنيف الاقتصادي والإداري لأوجه نشاط الدولة...

أ‌. يتوقع ان يصل العجز تبعا للإفراط في توقعات الحكومة بتقدير الايرادات للسنة القادمة إلى (1.4) مليار دينار، وليس 1.2 مليار دينار كما جاء في مشروع قانون الموازنة (لا يشمل عجز الوحدات الحكومية، مثل شركة الكهرباء وسلطة المياه، التي تكون ديونها مكفولة من قبل الحكومة بحسب رأي بعض الخبراء).

ب‌.أظهر قانون الموازنة للعام القادم 2020 بأنه امتداد لازمة موازنة العام المنصرم 2019 وعمق الازمة الاقتصادية التي تعيشها بلادنا... الحكومة لم تعتبر من دروس موازنة 2019، والمبالغة في تقدير إيرادات موازنة 2020.

ت‌.نتيجة لذلك، فقد تلجأ الحكومة لتغطية هذين العجزين بقيمة 2 مليار دينار، تضاف إلى الدين العام ليُسجل 32 مليارا في حال تحققت الإيرادات المقدرة والتزمت الحكومة بالنفقات وعندها سوف ترفع نسبة الدين العام الى نحو 100% من الناتج المحلي. أي أنه سوف يتجاوز ما نصت عليه المادة 23 من قانون الدين العام الأردني، الذي لم يُجز أن تتجاوز نسبة الدين العام عن 60% من الناتج المحلي، وهو ما يدفع الحكومة الى ضرورة تبني سياسات مالية تضبط الإنفاق وتعزز الإيرادات وتقلّص العجز، ضمن برنامجها للإصلاح المالي والهيكلي، بما يفضي لتخفيض نسبة الدين العام من الناتج الإجمالي.

ث‌. ما يجري هو استمرار لنهج خاطئ خلال الأعوام الأخيرة اعتمد النهج الجبائي من أجل رفع قيمة الإيرادات لتغطية الزيادة في النفقات الجارية، وهو ما أوصلنا إلى زيادة الأعباء على المواطنين وتراجع في الطلب العام الذي خفض مستويات النمو الى (1.9%) وعدم تحصيل المتوقع من الإيرادات. (معايير الملاءة المالية الحقيقية سوف تتراجع لأن الإيرادات لن تغطي النفقات في ظل تباطؤ في النمو الاقتصادي).

ج‌. تراجع النمو الاقتصادي الى 1.9% خلال النصف الاول من العام الحالي 2019 مقارنة مع 2% في نفس الفترة من العام 2018، كما ارتفعت معدلات البطالة من 19.2% خلال الربع الثاني من العام الحالي 2019 مقارنة مع 18.7% في نفس الفترة من العام 2018. (الموازنة لم تراعي الترابط ما بين معدل دخل الفرد من الناتج المحلي ومعدلات الضرائب ' الدخل والمبيعات ' مع مشكلة المتعطلين عن العمل.. ارتفاع البطالة 400 ألف طلب للتوظيف في ديوان الخدمة المدنية)

ح‌.اعلنت الحكومة عن دمج ثمان مؤسسات جديدة ولم يظهر في الموازنة اي تغيير على النفقات العامة فقد بلغت نفقات الهيئات المستقلة لعام 2020 (1563) مليون دينار مقارنة مع موازنة تلك الهيئات في عام 2017 والتي بلغت (1578) مليون دينار، مما يظهر بوضوح ان نفقات الهيئات المستقلة لم يطرأ عليها تغيير يذكر (الحكومة غير جادة في تخفيض عدد هذه المؤسسات، وأنها ما زالت تستنزف الإيرادات، وهذا يتعارض مع البرنامج الإصلاحي الذي تحدثت عنه الحكومة).

(2) هوامش ايضاحية

أ‌. الأصل في إعداد الموازنة هو تقدير الإيرادات بصورة واقعية وإضافة المنح والمساعدات المضافة إليها، ومن ثم إضافة قيمة العجز المستهدف والمتفق عليه مع صندوق النقد، ومن ثم حساب النفقات مقسمة بين جارية ورأسمالية. (الأسلوب المتبع في إعداد الموازنة هو أولا تقدير النفقات والمبالغة في قيمة المنح والمساعدات التي ستقدم للأردن ويطرح منها العجز المستهدف، والمبلغ المتبقي يكون للإيرادات ويكون فيها مبالغة كبيرة في التوقع على عكس ما يأتي على أرض الواقع.).

ب‌. هذا الأسلوب في اعداد الموازنات هو استمرار لنهج خاطئ خلال الأعوام الأخيرة اعتمد النهج الجبائي من أجل رفع قيمة الإيرادات لتغطي الزيادة في النفقات الجارية، وهو ما أوصلنا إلى زيادة الأعباء على المواطنين وتراجع في الطلب العام الذي خفض مستويات النمو وعدم تحصيل المتوقع من الإيرادات.

ت‌. ان تركز الحكومة على تنشيط ركائز النمو الاقتصادي وتخفيض اسعار الطاقة والمحروقات

ث‌. ضرورة تخفيض الضريبة العامة على المبيعات، وهذا ما يعود بالنفع على الاقتصاد، لأنه سيتم اعادة تدويرها ويكون لها مردود على خزينة الدولة، وتخفيض الضرائب لما لها من انعكاس سلبي على الاقتصاد الوطني والجميع قد لاحظ بان الإيرادات التي أوردتها الحكومة في قانون موازنة 2019 لم تتحقق.

ج‌. ضرورة توجيه الانفاق العام نحو المشاريع الانمائية وتقديم الخدمات الاساسية للمواطنين، وخاصة في مجالات الصحة والتعليم، والبنية التحتية، ومعاقبة الفاسدين واعادة الاموال المنهوبة.

ح‌.عكس مشروع قانون الموازنة لعام 2020 عمق الازمة المالية والاقتصادية، وهي تقليدية لا تختلف عن موازنات الاعوام السابقة، الا ان تراكم الاختلالات يفاقم الازمة التي باتت تشكل خطرا حقيقيا ولا تتضمن اي رؤية لوقف حالة التدهور.

خ‌. لا زالت مشكلة ارتفاع تكلفة الطاقة والمحروقات والضرائب التي تفرض على مدخلات الانتاج، حدت من منافسة الاقتصاد الأردني على الصعيدين الداخلي والخارجي امام الاسواق المفتوحة

د‌.لا تنعكس على الاقتصاد الوطني إيرادات قطاعات النمو الاقتصادي ودعائمه مثل الاتصالات والبنوك والطاقة وغيرها لان غالبية اسهمها مملوكه لمستثمرين أجانب ويستفيد منها هؤلاء المساهمين.

ذ‌. الحكومة لا زالت عاجزة عن حل المشكلة والمعاناة التي يعيشها عشرات آلاف الأردنيين ممن تراكمت عليهم الديون أو خسرت تجاراتهم وأعمالهم وباتوا ملاحقين ومطلوبين للسجن.

ر‌. تتفاعل معاناة أخرى، قد تكون أقسى، لشريحة واسعة من هؤلاء الملاحقين قانونيا ومهددين بالسجن لعشرات السنوات مقابل شيكات مالية بلا رصيد بعد أن خسرت أعمالهم وتراكمت عليهم الديون، وهي شريحة الهاربين خارج البلاد (المهجرين بغير حرب)، حيث تتم محاصرتهم بعدم تجديد جوازات سفرهم وجوازات عائلاتهم!

(3) التعليق

كم كنت اتمنى ان تنتهج حكوماتنا المتعاقبة على انتهاج الاسلوب التحليلي العلمي في وضع الموازنة العامة للدولة والمتمثل بأداء الوزارات والمؤسسات الحكومية وأهمية اتباع منهجية لإعداد موازنة عامة موجهة بنتائج الأداء، لما لذلك من أثر مباشر على الربط بين كفاءة وكمية الإنفاق الحكومي والذي يؤدي بدوره الى حكومة مميزة في الاداء ، وان تنتهج الحكومة الى عقد منتدى التخطيط (Planning Forum) كل 6 شهور تقوم عليه وزارة المالية لمراجعة اداء الوزارات والوحدات الحكومية وربط الاداء بالموازنات لهذه المؤسسات ، وهنا يظهر بوضوح ضعف اداء الفريق الاقتصادي الحكومي وتقديراته بوضع خطة اقتصادية محكمة تعالج الخلل الاقتصادي وتبعياته.

أخيرا وليس أخرا ولما تقدم نجد بأنه لم يتم عكس الأهداف الاستراتيجية المحددة لبعض الجهات في مشروع الموازنة العامة كما نجد أنه لم يتم ربط الأهداف الاستراتيجية لبعض الوزارات والهيئات الحكومية بالأهداف المعتمدة لقياس الأداء في مشروع الموازنة العامة ، ما قد يؤدي إلى عدم ترجمة هذه الأهداف من خلال مؤشرات أداء واضحة، وبالتالي عدم عكس صورة شاملة ودقيقة عن أداء الوزارة أو المؤسسة وإعاقة آلية تطبيق موازنة موجهة بالنتائج بشكلٍ فعال بحيث لا تعكس بعض مؤشرات قياس الأداء المستخدمة الأهداف المعلنة في مشروع قانون الموازنة… مما يجعلنا نتساءل عن فاعلية وكفاءة المنهجية المتبعة في تطبيق الموازنة الموجهة بالنتائج من قبل الحكومة. ويدعو ذلك إلى حث الحكومة على اتباع آلية ما للتأكد من أن مستوى الأهداف الاستراتيجية ومعايير الأداء متقارب بين الوزارات والوحدات الحكومية، كل منها حسب طبيعة عملها…

باحث ومخطط استراتيجي

arajoub21@yahoo.com




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :