أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات في عزاء الشيخ "أبو زنط"

في عزاء الشيخ "أبو زنط"

13-08-2015 10:13 AM

د. رحيل محمد غرايبه
تعرفت على المرحوم الشيخ عبد المنعم أبو زنط منذ فترة طويلة تعود إلى أواخر السبعينيات، ثم استمرت العلاقة بعد ذلك لسنوات طويلة، وربما تكون هناك علاقة مميزة من خلال الفترة الزمنية القصيرة التي قضيناها معاً في المعتقل في أواخر العام (1986) وبدايات عام (1987)، حيث اعتقلت على خلفية أحداث اليرموك المشهورة، أما اعتقال الشيخ فكان لسبب آخر يتعلق بخُطبه وأحاديثه الجريئة، وصداقة السجون والزنازين لها لون خاص وطعم ومذاق خاص مختلف، حتى لو كان بين الصديقين اختلاف كبير وتباين فكري وسياسي.
دار بيني وبين الرّجل حوارات مطوّلة وعديدة في مسائل كبيرة وصغيرة، اختلفنا في بعضها واتفقنا في بعضها الآخر، وربما كان الحوار يأخذ أحياناً بعض أشكال الحدة ورفع الصوت، لكني أشهد أن الشيخ عبد المنعم كان يحمل قلباً أبيض، ولا يحمل حقداً ولا غلاً، ولم يكن الاختلاف معه يوماً سبباً للقطيعة أو العداوة أو الجفاء الذي يقع فيه كثير من الناس، وقد شكلنا معاً جمعية شكلية لبعض الذين تم الافراج عنهم من المعتقلين من الإسلاميين ومن خارج الإسلاميين، حيث كنا نقوم ببعض اللقاءات الاجتماعية وزيارات المجاملة، ومحاولة تقديم المساعدة أحيانا، وكان الشيخ يحسن عمل "الكنافة النابلسية" بيديه،ويضفي على اللقاءات لونا من المداعبة والمزاح الخفيف والمقبول في مثل هذه الظروف.
الشيخ عبد المنعم لمع نجمه في البرلمان حيث كان عضواً في كتلة الحركة الإسلامية عام (1989)، وكان من دعاة الفكر المتشدد حيث خالف قرار الحركة في منح الثقة لحكومة «مضر بدران» الذي استطاع الحصول على ثقة نواب الحركة الإسلامية بعد استعداده وتعهده بتلبية الشروط الاحد عشر التي تم طرحها من قبل الحركة الإسلامية بعد مفاوضات شاقة، وقد وقع بيني وبينه سجال حاد حول هذه النقطة تحديداً في أدائه السياسي، لأنها سوف تشكل خرقاً في قوة الأداء السياسي للحركة، وينبغي التمييز بين المواقف العقدية والمواقف السياسية القائمة على الموازنة وتقدير المصلحة، والموازنة بين الضرر الأشد والضرر الأخف في العمل البرلماني وينبغي الابتعاد عن الأسود والأبيض لمن يريد الدخول في معترك العمل السياسي، لكن مخالفة الشيخ وقتذاك تم تحملها وتجاوزها من جميع الأطراف، ولم تشكل منعطفاً حاداً في مسيرة الحركة ويعود ذلك والله أعلم إلى علاقته الوطيدة مع الجناح المتشدد من جهة، بالإضافة إلى علاقته الاستيعابية مع الاتجاه الإصلاحي، التي لم تحمل طابع التشنج والتوتر، وكان دائماً يملك القدرة على تمرير مواقفه بأسلوبه خفيف الظل الذي تتخلله الدعابة.
طرأ تحول واضح وملحوظ تماماً في الجزء الثاني من حياة الشيخ البرلمانية، حيث قرر دخول البرلمان بعيداً عن انخراطه في الحركة الإسلامية، مما أدى إلى فصله من الجماعة، وسلك خطاً آخر بعيداً عن التشدد وبعيداً عن منهجهم الصارخ الذي عرف به سابقاً، واستطاع نسج علاقة وطيدة مع أصحاب المسؤولية وأصبح بينه وبينهم لقاءات ومجاملات وزيارات.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :