أخر الأخبار

الغرور

17-06-2015 03:21 PM
الشاهد -

وليد سرحان
الغرور سمة في البشر واسعة الانتشار وبدرجات متفاوتة، وفيها يعتقد الشخص أنه مميز وأنه أفضل من الأخرين، قد يكون في جانب واحد أو جوانب عديدة من حياته، كالمظهر أو الذكاء أو الشخصية أو العائلة والممتلكات أو الإنجازات العلمية أو الرياضية، وهذا قد يوفر للمغرور بعض المعجبين وهم قلة ولكن على الأغلب يمقته الناس ولا يطيقوا صحبته أو جلسته.
وأما الثقة بالنفس فهي أمر مختلف مثل أن يتقن الإنسان عملاً أو هواية لدرجة كافية بسبب التدريب والتكرار، ويصبح واثقاً من قدرته على القيام بهذا العمل، دون التطرق إلى أنه الأفضل أو الأقوى أو أ، غيره لا يستطيعوا القيام بما يقوم به.
وهناك من تتمادى ثقتهم بانفسهم فيصلوا للغرور، ولكن ليس بالضرورة أن كل معتد بنفسه وواثق هو مغرور ولا كل مغرور هو واثق منه نفسه، بل على النقيض فالكثير من المغرورين لديهم ثقة مهزوزة بأنفسهم، وغرورهم يخفي ضعفاً وشعوراً بالنقص يتم تعويضه بالتعالي والعجرفة والغرور.
وفي الأديان اعتبر الغرور مرضا روحيا وأن المغرور لا يتواضع لخالقه الذي أعطاه المال أو الذكاء أو الجمال.
أما العلوم النفسية والإجتماعية والفلسفة وعلم الأخلاق تعتبر الغرور أمراً سلبياً ينعكس على توازن الفرد النفسي وتكيفه الاجتماعي وعلاقته بالآخرين، وقد يتطور الغرور عند البعض ليصبح الصفة الرئيسية في إضطراب الشخصية كما هو الحال بالشخصية النرجسية التي لا تقبل النقد وتعتد بنفسها بصورة هائلة وتدور حياة المرأة ذات الشخصية النرجسية حول نفسها، أو الشخصية الزورية والتي يرتفع الغرور فيها مقابل الشعور بأن كل الآخرين على خطأ ولا يحبونه، ومن الممكن أن يكون الغرور هو سمة الشخصية الأساسية الظاهرة وتعتبر عندها شخصية مغرورة. أما وصول الغرور لدرجة توهم العظمة فهذا يحدث في الزهو والفصام واضطرابات التوهم.
أما الغرور في مجال العمل أو الدراسة فيعتبر بطاقة جاهزة للفشل، وفي الزواج من الطرف الأخر يصل لمرحلة من الملل وعدم الراحة قد تؤدي لمشاكل زوجية وطلاق، وعلى صعيد الدول فقد دل التاريخ أن معظم الإمبراطوريات بدأت تنهار عندما أصاب زعماءها الغرور وتسخيف الأخرين وعدم الاكتراث بهم، حتى قام الآخرون وهزموا هذه الإمبراطورية وانتهت من سيادة العالم.
وفي القول (رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه) الكثير من الحكمة والتوازن من حيث الثقة بالنفس وعدم الوصول للغرور.
وعرف عن بعض الزعماء مثل غاندي تواضعه واعتذاره عن أخطائه، مما جعل قيادته وعظمته لا تتوقف حتى بعد وفاته.
وجاء في الحديث النبوي الشريف (ما من رجل تكبّر أو تجبّر إلا لذلّة وجدها في نفسه).
وهذه دعوة لكل من يعتقد أنه يتفوق على الناس وأنه قد تجاوز كل حدودهم أن يراجع نفسه، فهو بالتأكيد لا يقيّم نفسه مغرور بل متفوق أو متميز أو واثق من نفسه، ولذلك إذا رجع وجهة نظره فسوف يصل بالتأكيد إلى معرفة ما إذا كان مغرورا أم لا، وإذا وجد في نفسه هذه الصفة فليبدأ بالتغيير وسوف يشعر الأثر الإيجابي لذلك يوماً بعد يوم على كل صعيد في حياته وعلاقاته.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :