أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات الذكرى الأولى لوفاة ابن الوطن: حكمت مهيار

الذكرى الأولى لوفاة ابن الوطن: حكمت مهيار

13-11-2014 12:07 PM

الذكرى الأولى لوفاة ابن الوطن: حكمت مهيار

د. محمد طالب عبيدات

تصادف اليوم الأربعاء الموافق 29/10/2014 الذكرى الأولى لوفاة ابن الوطن مدير الأمن العام الأسبق حكمت مهيار «أبي مطيع»، الفارس الذي ترجّل بعد مسيرة مليئة لا بل زاخرة بالعطاء والتفاني في خدمة وطنه ومليكه وأجهزتنا الأمنية قاربت المائة عام، واللافت للنظر أن المرحوم عاصر ملوك بني هاشم الأربعة، وتدرّج في سلك الجندية والعسكرية والأجهزة الأمنية ونال شرفها منذ العام 1933 فشارك في حرب 1948 في فلسطين ضمن قادة الجيش العربي المصطفوي، وتبوّأ مدير المباحث الأردنية العام 1956 لينتقل بعدها ليكون مديراً للأمن العام، العام 1964 فمحافظاً للعاصمة.
عاصر المُخضرم المرحوم نشأة الدولة الأردنية ونشأة الجيش العربي المصطفوي ومراحل بناء المؤسسات الوطنية الأردنية العسكرية والمدنية منها، وساهم إلى جانب الشرفاء من أبناء الوطن في بناء المؤسسة العسكرية والأمنية لتكون منيعة وقويّة وتحافظ على أمن واستقرار الوطن في أحلك الظروف، ولتصل للحرفية والمهنية والجاهزية الرفيعة.
واءمَ الباشا «أبو مطيع» بين الأصالة والمعاصرة ، فعاصر و واكب ملوك بني هاشم الأربعة، فقد خدم بمعية الملك المؤسس عبدالله الأول ابن الحسين، مروراً بالملك طلال بن عبدالله ثم عهد الملك الباني الحسين ابن طلال -طيب الله ثراه-، وعاش في عهد الملك المعزز عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، ليشهد مسيرة بناء الدولة وتطوّرها ووصولها إلى مرحلة الاستقرار والحداثة والعصرنة.
لذلك فقد تعرّفت شخصياً على العمِّ «أبي مطيع» عن قُرب من خلال أبنائه، المهندسة سناء مهيار عضو هيئة مكافحة الفساد والدكتور الطبيب مطيع، واللذين أعتز بمعرفتهما وصداقتهما، فقد استثمر بتعليمهما وتأهيلهما وإخوانهما ليساهموا بمسيرة الوطن، ولطالما حدّثاني عن بطولاته في حروب الجيش العربي في فلسطين لدرجة أن قصة أسره وزملائه في سريته لأكثر من ثلاثمائة جندي إسرائيلي في موقعة مستعمرة كفار عصيون قرب الخليل وتكتيفهم بأيديهم وتحرير المستعمرة منهم وإحضارهم للأردن لمعسكر الاعتقال في أم الجمال في المفرق، قصتهم باتت معروفة للجميع وتروى على أفواه زملائه وأحفادهم على سبيل الاعتزاز والفخر بإنجازات الجيش العربي المصطفوي.
وقصة الاستعراض العسكري في عيد الجلاء بسوريا العام 1944، حيث خشيت سوريا وقتها من أن تكون طلائع الكتيبة التي ستشارك بالاستعراض مقدمة لاحتلال دمشق صوب مشروع سوريا الكبرى كأحد مشاريع الملك عبدالله الأول، فاقتصرت سوريا على تمثيل الأردن بثلاثين عسكرياً، وكانت الحنكة العسكرية بأن اختير أبو مطيع والأشاوس من طوال القامة العسكريين ليبهروا الحضور وترفرف أعلام الأردن وقتها من قبل الطلاب الأردنيين الدارسين بدمشق وبترتيب من الطالب في جامعة دمشق وقتها المرحوم هزاع المجالي، وليمتزج عبق الحديث عن الباشا حكمت مهيار بعبق إنجازات المرحوم هزاع المجالي في صور بطولية ولا أحلى.
إسهامات وبصمات المرحوم الإنسانية تمثلت برئاسته لجمعية دار الأيتام الأردنية وعضويته في جمعية أسر الشهداء والعديد من الجمعيات الأخرى التي وضع بصماته الإنسانية فيها.
نموذجنا الأردني الفذ من أشاوس المؤسسة العسكرية والأمنية الوطنية والذي يشار له بالبنان في كلّ مراكزه العسكرية والشرطية والأمنية والإدارية والمدنية التي تبوّأها يعدّ مدرسة لا بل مسيرة في الدفاع عن الوطن وحفظ أمنه وخلق الطمأنينة والاستقرار على ترابه الطهور، لأنه عمل بشرف وأمانة وصدق لتتواءم رسالته النبيلة مع رسالة الأردن وثوابته القائمة على صدقيّة القيادة ونبل الصفات ومكارم الأخلاق وصدق الرسالة وشرف الأمانة ووضوح الرؤية ووسطية الطرح وإعتدال الفكر.
فارسنا وابن وطننا الذي يعدّ نموذجاً يحتذى لدى أبناء الوطن المخلصين، نحن أحوج لأمثاله في هذا الزمان خصوصاً في زمن الربيع العربي ليخلق حالة من الانتماء الصادق للوطن بالعمل لا بالفوضى أو مطالبات الحرية اللامسؤولة، وما أحوج شباب اليوم لينهلوا من معينه الوطني الخصب ليتعلّموا من الرجال القدوة كيف يحملون همّ الوطن والأمة بدلاً من الضياع الذي يعيشه بعضهم!
كما أن هنالك واجبا على مؤسسات الدولة كل حسب اختصاصه ليستفيدوا من تاريخ وتجربة هذا البطل وأمثاله الذين انضم لمواكبهم وليلتحق بركبهم كالشهيد كايد المفلح العبيدات والشهيد وصفي التل والشهيد هزاع المجالي وغيرهم الكثير.
ومثلما تمَّ تكريم المرحوم من قبل الدولة الأردنية وهو حيّ بحصولة على أربعة أوسمة، فإننا نتطلع لتكريمه وهو تحت الثرى، فالمؤسسات التربوية ممثّلة بوزارة التربية والتعليم والجامعات الأردنية أخالها الأولى بإظهار بطولات المرحوم في كتبها الدراسية، وأمانة عمان الكبرى أخالها السبّاقة لإطلاق اسم «اللواء مهيار» على أحدى الشوارع الرئيسة في عمان، وغيرها من المؤسسات ذات العلاقة.
أصحاب القصص الوطنية البطولية من أمثال العمِّ «أبي مطيع» لا يموتون –وإن ماتت أجسادهم- بل تبقى صورهم وأفعالهم وإنجازاتهم في ذاكرة الأجيال المخلصة والشريفة التي أحبّت الوطن وفي ذاكرة الوطن أيضاً.
الفاتحة على روحه الطاهرة وأرواح شهداء ونشامى الوطن ممن اختارهم الله تعالى لجواره.
*وزير الأشغال العامة والإسكان الأسبق





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :