أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية اجتماعي مصابات بالسرطان: نعمل بصمت كي لا نتسول

مصابات بالسرطان: نعمل بصمت كي لا نتسول

12-10-2020 09:04 AM
الشاهد -

“تركني زوجي بسبب مرضي، فدفعني ذلك للعمل وجرحي من عملية استئصال ثدي لم يلتئم بعد”.. بمرارة لخصت الأربعينية سميرة معاناتها الأسرية التي امتدت الى نطاق عملها في المنازل.
حولت الأربعينية سميرة (اسم مستعار) اهتمامها بعد ان هجرها زوجها الى العمل في تنظيف المنازل بأجر يقل عن اجور المستقدمات الأجنبيات، لكنها رضيت بما “قسمه الله” لها حتى تبعد عن نفسها شبح الفقر المدقع، ويزيدها قهرا، عندما تضطر الى ترك بناتها الثلاث وحدهن في منزلها المتواضع بمنطقة الهاشمي الشمالي.
تتناسى سميرة ألمها كلما اجتهدت بعملها والفرحة ترتسم على وجهها عندما تعود الى منزلها تحمل “ربطة خبز” من عرق جبينها.
“العمل مش عيب، بس الشحدة من الناس هو العيب”، تعبر عن رفضها الشديد لسلوكيات بعض السيدات اللواتي يتسولن في الشوارع ويطرقن أبواب المنازل بدلا من البحث عن عمل يحفظ كرامتهن حتى ولو كان عملا “غير لائق”.
إلا أنها ورغم ذلك، تشعر بالخجل من جسدها “المشوه”، حسب قولها لـ”الغد” بعد أن خضعت لعملية جراحية قبل سنوات لاستئصال ورم خبيث كان ينتشر في صدرها، قام خلالها الجراح باستئصال ثديها كاملا بشكل طولي وعرضي، مخلفا خريطة معالمها بارزة تذكّرها دوما بألمها.
حال سميرة كحال أسر أردنية تأثرت بجائحة “كورونا” وأقعدها عن العمل لكن هذه الأسر تفكر بإعداد الطعام الجاهز في منزلها وبيعه حسب “التواصي”، اذا وجدت الدعم المالي.
فجائحة كورونا “كشفت عن هشاشة سوق العمل والافتقار لمتطلبات الحماية الاجتماعية بين فئات العمالة، خاصة فئات العاملين في الاقتصاد غير المنظم، وظهر جليا خلال الأزمة مدى تعرض هذه الفئة لخطر فقدان الدخل اللازم لمعيشتهم وأسرهم، في ظل المؤشرات التي تؤكد أن هذه الفئة ستتوسع في الفترة القادمة على حساب القطاع المنظم نتيجة فقدان الآلاف لوظائفهم”، بحسب بيان لـ “بيت العمال” بمناسبة اليوم العالمي للعمل اللائق الذي صادف الأسبوع الماضي.
مصابة بسرطان الكلى تمزج الألم بالعمل
بحرج شديد، قبلت الثلاثينية منتهى (أم نضال) الخوض في تفاصيل تجربتها في مكافحة سرطان نال من كليتها اليمنى، وبصوت خفيض تتحدث مع “الغد” عن ألمها بعد استئصال كتلة صغيرة قبل يومين، في أحد المستشفيات الحكومية.
تارة تنظر منتهى (اسم مستعار) الى أطفالها الصغار الجياع، وتارة أخرى تذهب بنظرها إلى أطباق فارغة على رفوف مطبخها، فقررت أن تنهض من فراشها رغم ألمها وتتلثم بمنديلها الأسود الطويل لطحن خبز جاف التقطه ابنها البكر (15 عاما) من حاويات القمامة لتحويله الى علف للدواجن مقابل دينارين لكل “شوال”، حسب ما قالت لـ”الغد”.
“كلما طحنت أرغفة الخبز الناشف يتطاير غباره فيدمر صحتي”، تضيف منتهى التي فشلت في الاستمرار بمهنتها الأصلية تصليح الملابس للجيران بسبب مرضها وكان يدر عليها دخلا يكفيها “سؤال الناس”، قائلة “التعفف والاجتهاد في طلب الرزق احسن من التسول”.
غير ان فيروس “كورونا” جار عليها فتباعد الناس عن منزلها وجف دخلها الشهري، وفي الوقت ذاته قل انتاجها اليومي من الخبز الجاف الى “شوال بدلا من شوالين”، وتأثر دخلها الشهري لينخفض إلى 20 دينارا بدلا من 40 كما كان قبل انتشار الوباء.
في ظل تردي الوضع المعيشي لهذه الاسرة “المعدومة”، وعجزها عن تسديد ايجار منزلها في منطقة النظيف، تراكم عليها حوالي 440 دينارا، وفواتير كهرباء ومياه، ومع ذلك ما تزال المريضة منتهى تلملم تحت سقف منزلها المتواضع 7 افراد بلا أب معيل أو معونة وطنية شهرية تبعد عنهم شبح العوز والحرمان.
حقهن بالعمل بكرامة
عشرات من المصابات بأمراض سرطانية اجسامهن تهتكت إما من عمليات جراحية أو جرعات كيماوية وأعمال منزلية ما يحرمهن من الانضمام لصفوف العمل المنظم في ظل غياب الزوج المعيل أو معونة وطنية أو جمعيات خيرية داعمة لهن بشكل لائق.
لم تسمع أغلب المصابات بسرطان مؤلم عن مفاهيم تتناقلها منظمات عمالية محلية وعالمية حول “الحماية الاجتماعية والقانونية”، غير أنهن يحلمن بالعيش بكرامة والعمل بشكل منظم بشكل يتناسب وقدراتهن الجسدية، ويدر عليهن راتبا شهريا ثابتا يغطي مصاريف العائلة في ظل غياب الزوج أو لعدم مساعدته في تحمل أعباء الحياة.
“متاعب الحياة لا تنتهي”، حسب قول بعضهن لـ”الغد” بيد أن بضعة “دنانير”يتم جمعها في ظروف عمل قاسية لا تتوفر بها شروط السلامة العامة، وأجور منخفضة، “يتم إنفاقها لانتشال ابنائهن من الغرق في بحور الفقر المدقع”.
المرصد العمالي، التابع لمركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية.. أطلق قبل 3 سنوات حملة للتوعية بمعايير العمل اللائق بعنوان “حقي أشتغل بكرامة”، ليكون جوهر مطالبة الحكومة بإعادة النظر بشكل جذري بسياساتها الاقتصادية والاجتماعية، خاصة سياسات العمل والتشغيل، وتطوير سياسات تشغيل فعالة وعادلة، وتنظيم سوق العمل.
في حين ربطت جمعية معهد تضامن النساء الأردني (تضامن) بين التأثيرات التي يتركها مرض السرطان على الأفراد والمجتمعات وسط توقعات أنها ستحد بشكل ملموس من إمكانية تحقيق أهداف التنمية المستدامة باعتبار أن السرطان سبب ونتيجة للفقر في الوقت نفسه.
وأكدت الجمعية أن “مرض السرطان يحد من قدرة الأسر على كسب الدخل ويزيدهم فقراً مع ارتفاع تكاليف العلاج، كما تنعدم فرص التعليم والرعاية الصحية اللذين من شأنهما زيادة فرص الإصابة بمرض السرطان والموت بسبب الفقر”، بحسب مديرها التنفيذي منير ادعيبس.
عدد من المصابات بالسرطان اللواتي هجرهن أزواجهن لأسباب اجتماعية واقتصادية يتلقين دعما مجتمعيا وأسريا يقوي من عزيمتهن، فالمصابة بسرطان اللوكيميا (أم سائد) من سكان ماركا الجنوبية طلقها زوجها قبل سنتين منذ إصابتها بالمرض، ومن أجل ذلك تعمل مقيمة أطفال في منزلها أحيانا او تراقب “احباب الله” في منازل معارف وأصدقاء لها في المنطقة.
تحدد (أم سائد) أجرتها في اليوم الواحد حسب الطلب بخمسة دنانير قد تصل أحيانا الى 10 باعتبار منطقتها شعبية وأغلب سكانها من الطبقة المتوسطة أو ذوي الدخل المحدود وقدراتهم المالية محدودة، لكن ثقة الموظفات بها للعناية بأطفالهن ترسم الابتسامة على وجهها وتمنحها القوة للاستمرار بطريق العمل.
جمعيات تدعم مصابات عفيفات “بصمت”
“الغد” رصدت نشاط بعض الجمعيات الخيرية التي تسعى لتحسين الحياة المعيشية للأسر العفيفة بما فيها مصابات بالسرطان باستخدام تطبيق “واتساب” حفاظا على كرامة تلك الأسر “المعدومة ماليا”.
من هذه الجمعيات، “زدني كرما على كرم”، جمعية أردنية خيرية، طلبت قبل يومين عبر رسالة نصية هاتفية من أهل الخير “مساعدة مريضة سرطان، عدد أفراد عائلتها 7 معظم أبنائها طلاب مدارس، وأحدهم مريض بالقلب تقضي والدته معه اياما في المستشفى.
تقول الجمعية ذاتها عن هذه السيدة، “كان الله في عونها” فما بين زيارتها لمستشفى السرطان لمتابعة حالتها وما بين متابعة حالة ابنها الصغير مريض القلب، تشكو هذه المرأة من عدم توفر غسالة في بيتها لكنها رغم تعبها ومرضها تغسل باليد.
وحددت الجمعية احتياج هذه المريضة بشراء غسالة بقيمة 200 دينار لتفريج كربها، تحت بند “زدني سترا” (اقالة عثرات الأسر) حيث يتم دفع إيجارات وفواتير مستحقة وشراء أجهزة كهربائية للأسر المستورة.
بينما ركزت جمعية أصدقاء مرضى السرطان الخيرية عبر موقعها على (فيسبوك) على المساهمة الفعالة في تخفيف معاناة وآلام مرضى السرطان والايتام والفقراء في الاردن، وتحسين فرص الشفاء والمعيشة لهم (…) وإيجاد دخل مناسب للأسر المعوزة لتصبح منتجة بدلا من ان تكون مستهلكة.
يشار الى ان السجل الوطني للسرطان رصد 8152 حالة، يشكل الأردنيون منها 5999 حالة وبنسبة 73.6 % من جميع أنواع السرطانات، تشكل الإناث منها 3184 .
وبحسب التقرير، أعلنت نتائجه العام الماضي، فقد تصدرت سرطانات الثدي قائمة السرطانات الخمس الاكثر شيوعا بين الاردنيين للجنسين حيث احتل سرطان الثدي المرتبة الأولى بعدد 1279 حالة، تلاها سرطانات القولون والمستقيم بعدد 641 حالة ثم سرطان الرئة 448 حالة، و 419 حالة غدد ليمفاوية (هودجكن ولا هودجكن) ثم سرطان المثانة 269 حالة. (الغد)




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :