أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية ملفات ساخنة الدولة مصرة على تشريد وتجويع الفنان الاردني

الدولة مصرة على تشريد وتجويع الفنان الاردني

16-12-2013 01:30 PM
الشاهد -

عميد مسرح الطفل الكاتب والمخرج المسرحي اكرم ابو الراغب ل »الشاهد«

ما يكتب ويقدم للطفل بحاجة الى مراقبة

اين نصيب الدراما من ميزانيات الحكومة

الشاهد-عيسى العجارمه

مؤلف ومخرج مسرحي متخصص في ادب وثقافة الطفل وهو عضو مجلس امناء جائزة ادب الاطفال في قطر وعضو بارز في نقابة الفنانين الاردنيين ورئيس الرابطة الوطنية لتربية وتعليم الاطفال، وعضو في اتحاد المؤرخين العرب، وعضو في نادي اصدقاء الاطفال ولد في عمان وتعلم فيها وله اكثر من خمسين مؤلفا للاطفال وستة وخمسون مسرحية وعشرات البرامج والمسلسلات الاذاعية والتلفزيونية، وهو من اوائل من اهتموا بمسرح الطفل الاردني ويعد ابا حقيقيا وعميدا لمسرح الطفل في الاردن. انه الفنان والاديب اكرم ابو الراغب الشاهد التقته فكان هذا الحوار

هل لك ان تحدثنا عن ادب الاطفال من وجهة نظرك؟

- الطفولة في عصرنا الحديث اصبحت مهمة في ذاتها ولذاتها، وتعد مراحلها اهم مرحلة في بناء الانسان ولم يعد الطفل مجرد مراهق صغير او مجرد كائن في طريقه الى المراهقة، بل كان خبرة في الحياة تتصل به اتصالا وثيقا ولها به علاقة متينة، والادب الذي يقدم للاطفال من اهم العناصر في تكوين هذه المرحلة، وبالتالي يدخل في صنع الانسان وبنائه، والطفل اثناء نموه العقلي يبدأ في التعرف بالحياة على اساس ان خبراتها الماضية سبيل الى فهم اعمق للحاضر ومن ثم فقد يكون ادب الطفل اقوى سبيل يعرف به الاطفال الحياة بابعادها الماضية والحاضرة وحتى المستقبلية، هذا ويحتاج عقل الطفل وخياله الى الاجناس الادبية المختلفة لتغذي جوانب تفكيره وتقوي نواحي الخيال فيه، ولتكون وسيلة من وسائل التعليم والتثقيف بالتسلية والمشاركة في الخبرة وطرقا لتكوين العواطف السليمة والوطنية الصادقة للاطفال، واسلوبا يقفون به على حقيقة العقيدة ويكتشفون مواطن الصواب والخطأ في المجتمع، ويتلمسون طرق الخير والشر في الحياة ومن هنا كان ادب الاطفال من اقوى الدعامات في بناء الانسان.

لماذا توجهت الى تبني ثقافة الطفل وادابه وفنونه؟ -

منذ نعومة اظفاري كنت مولعا بالعديد من المحاولات الكتابية وسرد القصص والحكايات الخيالية لاقراني الصغار، وبعد ذلك اصبحت ابا لستة اطفال، فهم علموني كيف اتعامل معهم وكيف اتصادق معهم، ومن هنا تعلمت منهم ومن مواقفهم معنى البراءة والصدق والعفوية وامورا كثيرة، فقد كانوا لي المعلمين حقا، كنت اقرأ لاطفالي قصصا كثيرة وانسج لهم الحكايات ذات الخيال واستخلص من تعبير وجوههم البريئة ما يحبون وما يكرهون، وكنت احقق امالهم واحلامهم بمشاركتي لهم في حواراتهم واشاركهم تجاربهم ومحاولاتهم لفهم اي شيء وكنا ننجح معا، وانا لم احترف ثقافة الطفل وادابه وفنونه الا بعد ان تجاوزت سني عمري الثلاثين عاما، كنت انهل من العلم والمعرفة كل ما يقع في يدي لان الدخول الى عالم الطفولة ليس بالامر اليسير بل يحتاج الى تجربة كبيرة وثقافة واسعة، اذ ان من يدخل هذا العالم الاوسع يجب ان يلم بامور كثيرة ويكون ذا ثقافة واسعة وخيال مترع خصب وعند ضخ هذه المعلومات الى الطفولة البريئة لا بد ان يمررها لهم وفق حكاية او مسرحية تتناسب مع مداركهم ومفاهيمهم البريئة الصادقة.

ما الفرق بين الكتابة للصغار والكبار؟ -

يستلزم ادب الاطفال ومسرحهم معرفة بنفسية الطفل، وهذا شرط اساسي يجب توفره فيمن يريد ان يكتب للاطفال ادبا جيدا، فالجهل بخصوصيات الاطفال قد يؤدي الى كتابة قصصية او مسرحية تتنافى وابسط قواعد هذه الكتابة ذلك ان الطفل يختلف اساسا عن عالم الشباب او الكبار، كما ان عالم الطفولة يختلف عن عالم الطفل، فادب الاطفال مختلف تماما عن ادب الكبار في انه اضافة لما فيه من الفكر واللغة والاسلوب الانشائي، فيه كثير من التربية وعلم النفس التعليمي، وعلى هذا لا بد لمن يكتب للاطفال من ان يكون ملما بهذا الادب الواسع.

هل تطرح قضايا المجتمع ومشاكله للاطفال من خلال كتابتك الادبية والفنية؟ -

طفل اليوم هو طفل الانترنت والستلايت والديجتل والتكنولوجيا الحديثة وهو سريع الفهم، فهو نقي السريرة واستعداده قوي لتقبل الثقافة العامة وهو جزء لا يتجزأ من الاسرة يسأل ويجاب، وله برامجه الخاصة عن طريق وسائل الاعلام المختلفة حيث ينهل منها المعلومات ويعيش القضايا المختلفة التي حوله ويعرف اسماء الملوك والرؤساء والقادة ويسمع عن الكوارث الطبيعية والحروب المفتعلة ويخزنها في ذاكرته وهناك حقوق انسانية ومكتبات واندية ومشجعون واصدقاء للطفولة في كل مكان كل ذلك يلفت نظر الطفل ويجعله ذا ثقافة كبيرة في نفسه ككائن له اهميته ووزنه في هذه الحياة، لذلك لا يمكن الاستهانة بعقليته والضحك عليه بسرد الحكايات الخيالية والمغامرات فقط، بل لا بد من تمرير بعض القضايا المهمة لعقليته واشراكه في بعض الحلول فالطفل ذكي وشديد الفضول يريد جوابا سريعا لاي سؤال يخطر على باله لذلك لا بد من طرح قضايا المجتمع ومشاكله الاجتماعية والانسانية وحتى السياسية منها للاطفال.

في زمن الديجتل والتكنولوجيا انصرف الاطفال عن الكتاب ومتابعة المسرحيات الخاصة بهم فما رأيك؟ -

التلفزيون وكل التكنولوجيا الحديثة لا تغني ابدا عن الكتاب، فالطفل يجلس امام برامج التلفزيون ساعات ويسلمه عقله فلا تفكير ولا تخيل، العيون تنظر والعقل لا يفعل شيئا، التلفزيون يقوم بكل شيء، اما القراءة فتوسع المجال والتصور والتفكير وتساهم في اعمال العقل والخيال وتدريبهما، وحتى نجعل عددا اكبر من الاطفال يمارس القراءة لا بد ان يكون الكبار مقتنعين باهمية القراءة ليحرصوا على توجيه ابنائهم نحوها وتحبيبهم فيها فالطفل يجب ان يعلم ليفعل اي شيء، لا بد ان يجالسه احد لاول مرة او لعدة مرات فيتعلم ان يفعل هو بنفسه، فلماذا لا نعلمه ان يقرأ ايضا؟ ان تعلم الاطفال القراءة مهمة جدا، لان الامة المتعلمة هي فقط التي تستحق موقعها في هذا العالم، والامة لا تصبح متعلمة الا اذا تعلم اطفالها. ومع كل اسف لا شك ان ما يعرض على شاشات التلفزيونات العربية بشكل عام وعلى شاشة التلفزيون الاردني بشكل خاص، له تأثيرا سلبيا على المطالعة وعلى المسرح وخاصة ان معظم ما يقدم من برامج للاطفال هو مستورد، بعيد عن مجتمعنا وعاداتنا وتقاليدنا هذا من جهة، ومن جهة ثانية والكلام هنا موجه الى التلفزيون الاردني، فهو لم يحاول التعود على بعث مسرحيات الاطفال وعرضها على شاشته ليشاهدها الاطفال في جميع مناطق المملكة خاصة في المناطق الاقل حظا في الريف والمناطق النائية سواء من خلال برامج الاطفال او حتى خارج برامجه، فالمسرح وجه حضاري، وحضارة كل امة تقاس بفنها وثقافتها وتفكيرها.

بصفتك مؤلف مسرحي للاطفال كيف تختار مواضيع مسرحياتك؟ -

اصعب ما في هذا الامر الفكرة التي اريد طرحها من خلال مسرحيتي، وكيف ابدأ ومتى انتهي، وعند استلهامي للفكرة المناسبة يهون الامر فعندها اقدم مسرحيتي التي يدور موضوعها بوجه عام حول ما اريد ان انميه في عقول اطفالنا من قيم واتجاهات بشرط ان يجيء هذا في ثنايا المسرحية ولا يجيء بطريق مباشر، اذ ان على الكاتب المسرحي للاطفال ان يتجنب قلب مسرحيته الى درس في الوعظ والارشاد بل يجب ان يهتم كثيرا بالجانب الفني الذي يتولى بدوره نقل مختلف المعاني والقيم بحيث يدرك المتفرج الصغير المضمون بغير تصريح ولا بد من تقديم المضمون الجيد بافضل الطرق الفنية، ولا قيمة لمضمون جيد يفشل في ان يصل الى عقول وقلوب الاطفال بسبب عدم مراعاة العناصر الفنية المختلفة ورسم واضح للشخصيات وصراع يتضمن قدرا كافيا من التشويق.

ما رأيك بما يقدم للاطفال من مسرح على الساحة الاردنية؟ -

ما يكتب ويقدم لمسرح الطفل في اردننا العزيز بحاجة الى مراقبة، ويجب ان تقوم جهة معينة باجازة النصوص كما يجب ان تكون هناك مراقبة دائمة لما يعرض، حتى يكون العرض بشكله السليم، فقبل فترة دعيت لحضور مسرحية في احدى المدارس الخاصة، ولم يحضر احد الممثلين الرئيسيين المشاركين في المسرحية، ورغم ذلك عرضت المسرحية، بمعنى ان هناك استخفافا بذوق وفكر الاطفال، وهذا امر خطير جدا ويجب وقفه والحد منه، فمسرح الطفل اداة تربوية وتثقيفية وترفيهية هامة جدا للاطفال.

هل تحدثنا عن الدراما الاردنية بشكل عام وعن هموم وطموح الفنان الاردني بشكل خاص؟ -

ايام زمان في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي تبنى التلفزيون الاردني في ذلك الحين على عاتقه رفد صناعة الدراما الاردنية وتبنيها وبعد تصوير عدة مسلسلات تلفزيونية درامية، اذكر منها للتذكير فقط مسلسل »وضحة وابن عجلان« ومسلسل »مواكب الهدى« ومسلسل »الاخرس والقلادة الخشبية« ومسلسل »الغدير« ومسلسل »دليلة والزيبق« وغيرها وغيرها تم توزيعها جميعا الى اغلبية المحطات التلفزيونية العربية وقد حصدت النجاحين المطلوبين، معنويا، وماديا، وبنجاح هذه المسلسلات الدرامية، نجح الفنان الاردني ووصل الى مرحلة النجوم العرب، وفي حينها اصبح الفنان الاردني يمثل ثروة قومية كبيرة وعائدات اقتصادية واضحة، وظل الفنان الاردني يتقدم من نجاح الى نجاح، حتى اصبح الاثير عند المشاهد العربي، واصبح النجم الاردني الاوسع انتشارا بين قرنائه النجوم العرب، كما باتت المسلسلات الدرامية الاردنية علامات مميزة وكانت هي المفضلة عند المشاهد العربي.

* اذن من المسؤول عن تلاشي المسلسلات الدرامية الاردنية؟ - بالطبع الدولة هي المسؤولة المباشرة عن تلاشي وغياب الدراما الاردنية انظر في كافة الميزانيات التي تقرها الدولة فاين نصيب الدراما والفن والابداع في هذه الميزانيات، وسبب اخر مهم جدا في تأخر تقدم الدراما الاردنية هو كثرة تغيير الوزارات هذا اولا وثانيا الغاء وزارة الاعلام والتي كانت تحتضن الدراما والفنانين الاردنيين، فلا عجب ان رأيت الدراما الاردنية تحتضر، مع ان الطاقات والامكانات البشرية ما زالت بصحة جيدة وموجودة واقفة على قدميها تنتظر ساعة الفرج، وربما يطول هذا الفرج لتحتضر هذه المواهب ثم تموت.

افهم من كلامك ان الدولة لا تدعم الفنان الاردني؟ -

بل هي مصرة كل الاصرار على تجويعه وتشريده واهانته من جراء وضعه الاقتصادي والمتدني جدا، فهل تنتظر الدولة ان يهجر الفنان والمبدع الاردني فنه وان يترك كل ابداعاته ويمحو ماضيه المشرف، لينصرف الى مهنة اخرى تضمن له كسب العيش الكريم ليريق ماء وجهه، هل ترضى الدولة هروب الفنانين والمبدعين صانعوا الدراما لينسحبوا من الساحة الفنية، ولتبقى المساحة الفنية في اردننا الغالي فارغة من الفنون والدراما ويبقي الاعتماد فقط على الدراما المستوردة من هناك وهناك، فارجو ان اعلم مسؤولي الدولة من ان كل الدول الراقية يقاس رقيها من خلال تقديم فنها وادبها وابداع مبدعيها من رسامين وادباء وكتاب ونحاتين وموسيقيين وشعراء ومغنين وممثلين. على الدول ان تحتضنهم بحنان آسر، فهم شفافون ولديهم رقة ورقي، ولو احصينا كافة مبدعي وفناني الاردن، فلن يزيد عددهم عن الالفي شخص، فيجب على الدولة اسوة بكل الدول الراقية، تجعل لهم راتبا شهريا من ضمن ميزانية الدولة لانهم ايضا جنود للامة والوطن، وبذلك تحفظ ماء وجههم من العوز ولا سيما بانهم يعانون من نقص في دخولهم المادية، فكلهم لديهم التزامات ومصاريف حياتية يومية لانهم ارباب اسر وعائلات ونسبة كبيرة منهم بيوتهم بالايجار، فدعم الفنان واجب على الدولة.

لننتقل الى عالم المسرح وفنونه،

برأيك كيف تقيم المسرح الاردني؟

- وزارة الثقافة هي المسؤولة المباشرة عن هذا الفن القدير الرائع، فالمسرح كما هو معروف يلقب بأبي الفنون، ولكن ومع كل اسف كون وزارة الثقافة هي من افقر الوزارات ولا يوجد لديها ميزانية كافية لدعم لمسرح المحلي سوى تقديم الفتات، ولولا الجهود الفردية المضنية لما كان هناك مسرح محلي، ففي كل سنة تفتعل وزارة الثقافة موسما مسرحيا للكبار والصغار او مهرجانا مسرحيا، وخلال مدة شهر تتوقف كافة العروض المسرحية وتبقى الساحة الثقافية خالية من اي عروض سوى بعض العروض المسرحية الفردية. وللعلم بانه يوجد لدينا كتاب مسرحيون حقيقيون استطاعوا اثبات وجودهم في الساحة الادبية المسرحية، ولكن من اجل تبخيس حق هؤلاء الكتاب تلوك السنة الشائعات من اجل شراء النصوص المسرحية بتكلفة لا تذكر مما يؤدي الى احباط معنويات الكتاب، وايضا للعلم ليس لدينا في الاردن نقاد مسرحيون متخصصون حتى يستطيعوا ان يقيموا الغث من السمين، وعلى مدار السنين الماضية، قدم العديد من المسرحيات المحلية بنصوص كتاب اردنيون ونجحت هذه المسرحيات نجاحا يفوق الخيال. والاعلام هو الذي يحقق الشهرة للمبدعين، اذ لا يمكن للمسرح او اي عمل ابداعي ان يعيش بمعزل من الاعلام، فالاعلام يحي ويميت الابداع، وبرأيي الشخصي، ان هناك اهمالا واضحا من قبل الاعلام المحلي للحركة المسرحية ومنذ مدة طويلة، فالفن والثقافة لا يمكن لهما ان ينجحا من دون الاعلام، ومع كل اسف، ان الاعلام الاردني لم يتجاوز حد الخبر في التغطية الاعلامية وابتعد كليا عن النقد والتحليل الذي تحتاجه الحركة المسرحية في اي مكان وزمان.

اترك لك الكلمة الاخيرة لتختتم بها هذا اللقاء فماذا تريد ان تقول؟ -

اتمنى على سيدنا وقائدنا جلالة الملك عبدالله الثاني المفدى ان يلتفت الينا بعين الرضا وان يعود ويفتح لنا الطريق الى ما بدأنا به حتى نكمل مشوارنا، وان يحقق آمالنا لنعيش باحترام وبقدسية مواهبنا التي حبانا الله بها وبطمأنينة لا تعوزنا للسؤال وحفظ كرامتنا.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :