أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات عيد بأي حال عدت يا عيد؟!

عيد بأي حال عدت يا عيد؟!

24-10-2013 10:41 AM

أ. د. فيصل الرفوع

غداً موعدنا مع عيد الأضحى المبارك، الذي طالما كان وسيبقى وبالأزلية المطلقة، مجسداً للتضحية في أبهى صورها، وللمعاني السامية في تجلياتها السامية المبنية على التسامح والمودة والرحمة، ليس بين العرب والمسلمين فحسب، بل وفي علاقاتهم مع الآخر. لكن هذا العيد يأتي وجراح الأمة في نزيف متواصل، وآهات أطفالها وآنات شيوخها في تسارع، ورائحة الموت والإقصاء والتهميش والتخوين تخيم على شوارع ودروب وطننا العربي وأزقته. والآخر وصل إلى ذروة سنام تآمره علينا وعلى وطننا وأمتنا العربية التي كانت ذات يوم ماجدة
يأتي العيد وصرخة نبينا محمد علية الصلاة والسلام تتحقق في أدق تفاصيلها المؤلمة، فقد قال صلى الله عليه وسلم بأنه: «.....ستتداعى عليكم الأمم كما تتداعي الآكلة على قصعتها..». وأننا معشر العرب والمسلمين سنكون محط أنظار الطامعين، من الشرق والغرب ومن الشمال والجنوب. فسأله أحد الصحابة رضي الله عنهم، أمن قلة يا رسول الله؟ فكان جوابه صلى الله عليه وسلم، بل انتم كثر، ولكنكم غثاء كغثاء السيل!!!، صدق رسول الله في تجسيد حال هذه الآمة المتردية، الناخر الوهن فيما بقي لها من هيكل عظمي، الأمة المرعبة الخائفة والتائهة والمترددة والفاقدة لإرادة الحياة واخذ الدورس هكذا اخبرنا رسولنا الكريم، وجسد حالنا وسار في سبر غور أشلائنا، حينما استقراء مستقبلنا وما سنؤول إليه.
إنهم يحاربون أمتنا في أدق تفاصيل حياتها، حتى في تعاملنا اليومي وفي خياراتنا المحدودة والخجولة. ويستثمرون ما حواه « ارشيفهم» من عهود ومواثيق عن حقوق الإنسان والمرأة والطفل والحيوان..الخ للإساة لنا ولثقافتنا ولعقيدتنا. متناسين بان هذه العهود والمواثيق جاءت بها شريعتنا قبل ما يقارب الخمسة عشر قرناً. بل جاء بها حمورابي التكريتي قبل آلاف السنوات. وإذا ما حاولنا ممارسة حقنا المشروع في تطبيق سيادتنا، ومن خلال ما تسمح به قواعد القانون الدولي-»الغربي»، يأتي وصف حالنا تباعاً، بدءًا من الشوفينية إلى التعصب ورفض الآخر والبدائية والتخلف، مرورا بالخارجين على منظومة الأعراف الدولية والمعايير اللاسامية، علماً بأننا أصحاب الحق الشرعي والمشروع والأجدر بسام والسامية».
أما إذا حلمت أي دولة عربية- إسلامية بتطبيق سيادتها على ثرواتها ونفطها، يصبح هذا العمل متناقضاً مع المصالح الدولية ومهدداً للسلم والأمن الدوليين. في حين إذا ما تجرأت دولة من دولنا للوصول إلى معاني القوة والمنعة، فمصيرها الإحتلال والتدمير، بحجج واهية ظالمة وهو عين ماحصل للعراق. أما قدرنا مع الديمقراطية فمسالة أخري، فإذا ما مارسنا حقنا الطبيعي في الديمقراطية، وجاءت النتائج على عكس ما توقع المتربص بنا وأراد، فحينها تصبح هذه الديمقراطية نشازاً وبعيدة عن متطلبات العصر و»الإصلاح» الحقيقي.
وبالمقابل، نجد بان هذا العالم، لا يحرك ساكنا إذا ماتم التطاول على ثقافتنا وقيمنا والتي يؤمن بها اكثر من مليار ونصف من العرب والمسلمين. كما إنه لا يتوجع لماسي الشعب العراقي الغارق في الدم والنار، وبفعل التحالف الثلاثي غير المقدس بين الغرب والحركتين الصهيونية والشعوبية. كما أنه لا مكان لقضايانا العادلة في سلم أولويات قيم الغرب المبنية على المؤسساتية والشفافية ومفهوم الحرية والعدالة والليبرالية والتي تصدر في كل عام صكوكاً للغفران عن الإنسان وحقوقه.
أخي العربي والمسلم، يأتي العيد ونحن في أسوأ حال لأننا لا نحترم إرادتنا، بل فاقديها، ولسنا بأكثر من غثاء كغثاء السيل، كما حدث عنا رسولنا صلى الله علية وسلم، و»إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم» صدق الله العظيم.
ورحم الله المتنبي حينما قال: عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بِما مضى أَم بِأَمرٍ فيكَ تَجديدُ
alrfouh@hotmail.com





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :