أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية سياسة التظاهرات هل تسهم في احجام تركيا عن فتح...

التظاهرات هل تسهم في احجام تركيا عن فتح حدودها للمعارضة السورية؟

12-06-2013 02:40 PM
الشاهد -

المعارضون يتهمون اردوغان بالقضاء على العلمانية تمهيدا لرئاسة الجمهورية التركية في العقد المقبل

تفاقم الاوضاع التركية نتيجة تحويل المعلم التاريخي في استانبول الى مركز للتسوق !؟

الشاهد – عبدالله القاق

في الوقت الذي تشهد فيه الساحة التركية تظاهرات عارمة في استانبول وانقرة وبعض المدن التركية استنكارا لقرار حكومة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان باقتلاع الاشجار من ساحة في وسط اسطنبول وتحويلها الى معلم تجاري يري بعض المراقبين أن الأتراك يدخلون اليوم معركة اكبر واوسع, للحفاظ علي هويتهم التي سرقت منهم, بدعوي تحقيق الرخاء الاقتصادي, معركة الهوية هذه هي المعركة الأكبر التي قد تجعل مما تشهده اسطنبول اليوم, مشهدا قابلا للتصاعد, والتمدد, حيث الصراعات الدينية المعقدة, وتشابك الطبقات الاجتماعية والسياسية. فقد انتقد إدهم إلديم, وهو مؤرخ تركي بجامعة البوسفور في اسطنبول, اصرار الحكومة على تنفيذ مشاريع تنموية علي نطاق واسع, دون الحصول علي توافق شعبي, وقال ان رئيس الوزراء وحكومته, قد ادارت رؤوسهم نشوة السلطة, فلم يعد يهمهم كثيرا امر الديمقراطية, لقد عادوا الي جوهر السياسية التركية عبر العقود,
إن من يراقب المشهد التركي عن كثب, يدرك ان حكم اردوغان الذي تجاوز العقد, قد اعاد رسم الثقافة التركية من خلال السيطرة المدنية علي الجيش, وكسر قواعد النظام العلماني القديم, ونشر وتبني رؤية اسلامية لتركيا, وادخال عناصر من المحافظين الاسلاميين التابعين للحزب الحاكم, وهم الذين يشكلون الكتلة الانتخابية لرئيس الوزراء في النظام الحكومي العميق, وايضا احتضان الحزب لطبقة رأسمالية من التابعين, انتقل اعضاؤها بأعداد كبيرة من قرى الاناضول الريفية الي المدن مثل اسطنبول, ليشكلوا ما بات يعرف برجال الاناضول والذين اصبح لهم دور كبير في الاقتصاد التركي, وأصبحوا بديلا عن طبقة النخبة الرأسمالية التركية القديمة, فكان رد الفعل النخبوي لدي العديد من العلمانيين في اسطنبول, هو الشعور بان المدينة المسكينة قد تعرضت للغزو من قبل فلاحي الاناضول, غير المثقفين, الذين افقدوها هويتها ولم تعد مدينتهم التي احبوها. هذه التغيرات الثقافية اثارت غضب واستياء النخبة العلمانية القديمة, هؤلاء الذين يعتبرون انفسهم ورثة كمال اتاتورك, مؤسس العلمانية الحديثة, ومعهم الليبراليون. اما بقية ابناء الشعب فقد شعروا ايضا بالغضب وتعرضوا للكثير من الخسائر, خاصة العديد من ابناء الطبقات الدنيا والأقليات العلوية10% من السكان والكردية18%, الذين يتم دفعهم من منازلهم القديمة, وشراء الاراضي منهم لبناء مجمعات سكنية راقية ومراكز تسوق ضخمة.
ثم كانت الخطة الحكومية لتحويل ميدان تقسيم الذي ظل تاريخيا مكان التجمهر الشعبي, الي مراكز حديثة للتسوق, بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير. مما آثار موجة من الغضب من قبل العديد من المؤرخين, الذين قال احدهم, انهم لا يتشاورون معنا قبل هدم مدينتنا.
ويري سولي ازويل, الأكاديمي والكاتب التركي, أن ما تشهده تركيا الآن هو أول معركة يخسرها اردوغان منذ وصوله للسلطة, لكنه يحذر: تزاوج الغطرسة مع الاستبداد نوع من الجنون, انها اشرس فورة مناهضة للحكومة منذ سنوات, في حين مازال رئيس الوزراء من ناحيته يقابل الاحتجاجات المتزايدة بنوع من الانكار, ويصف المحتجين بانهم حفنة من اللصوص, تم التلاعب بهم من قبل المعارضة, العاجزة عن الفوز عبر صناديق الاقتراع.
لكن يبدو ان المشكلة هي في أسلوب حكم حزب اردوغان وكيف يدفع ببرامج تنمية مثيرة للجدل مع عدم الأخذ في الاعتبار بأي حال المعارضة الشعبية, انه حزب شعبوي من نوع غريب, يعتمد علي كونه حزبا دينيا, ويستخدم ما يعرف بسياسة التكية لكسب التأييد الشعبي باي وسيلة, وقد عزز حزب العدالة والتنمية تغلغله تدريجيا الي داخل جهاز الدولة ووسائل الاعلام, حتي انتهى من حاجته الي مؤيديه الليبراليين, واضطرت القيادة العسكرية في نهاية المطاف الي تقبله, بعد ان جردت من قوتها مقارنة بأفرع الدولة الاخرى مثل الشرطة والقضاء, وكان الحزب قد نجح ايضا في التعامل مع المسألة الكردية, واجرى العديد من المفاوضات الناجحة مع حزب العمال الكردستاني عام2009, ونجح ايضا في اقامة علاقة مربحة مع الحكومة الاقليمية الكردية في العراق, كما انه ابتعد نسبيا عن الانصار التقليديين في البيت الابيض وتل ابيب, وقوي علاقته بايران وحزب الله وحتي وقت قريب بنظام بشار الاسد في سوريا, وقد فسر هذا من قبل المراقبين بهستيريا اعادة الخلافة العثمانية, اما داخليا فانه تجاهل اليسار والحركات العمالية وقمعها بشدة, يقول سونر كاجابتاي مدير برنامج الأبحاث التركية في معهد واشنطن,' يبدو لي أن حزب العدالة والتنمية هو ضحية نجاحه' لقد خلقت سياساته الاقتصادية من المجتمع التركي, اغلبية من الطبقة الوسطي, التي تتمسك بحقوقها الفردية وتعترض علي فهم الحزب الحاكم للديمقراطية, فهي من وجهة نظرهم, ليست فقط بالفوز في الانتخابات, ولكنها ببناء توافق الآراء, وعدم وضع مشاريع علي رقاب الشعب, ويري كاجابتاي, انه بعد ان اصبحت الطبقة الوسطى ثرية, خلال العقد الماضي, عادت لتتبني موقفا جديدا من الرأسمالية وتوغلها, وعادت لتبحث عن آخر رموز ثقافتها, وللتمسك الى اقصى حد بالحدائق العامة, حتي ولو دفعت حياتها ثمنا لذلك.
ربما تكون أعنف أعمال شغب تشهدها تركيا خلال عقود بسبب هدم متنزه صغير في اسطنبول لكنها تفجرت لتتحول الى استعراض لتحدي ما يرى كثيرون انه تسلط متزايد من جانب رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان.
وضاعف حزب العدالة والتنمية ذو الجذور الاسلامية الذي يتولى السلطة منذ اكثر من عقد من نصيبه من الاصوات في كل من الانتخابات الثلاثة الاخيرة التي كانت ايذانا باستقرار سياسي لتشهد البلاد بعضا من أسرع معدلات النمو الاقتصادي في أوربا.
والآن وفي الولاية الاخيرة لرئيس الوزراء يحاول أردوغان ترك بصماته على تركيا من خلال اعادة صياغة سياستها الخارجية واصلاح الدستور بل وتغيير الطابع المعماري العتيق لاسطنبول...
ومحور الاحتجاجات ميدان تقسيم في اسطنبول ومتنزه جيزي وهي رقعة خضراء في أسرع مدن اوروبا نموا والتي تخصص 1.5 في المئة فقط من اراضيها للمتنزهات العامة وفقا لتقرير ثقافة المدن العالمية..
وتقسيم مجرد مشروع من مشروعات الانشاءات الحكومية التي تضم أكبر مطار في العالم وثالث جسر يتكلف ثلاثة مليارات دولار على البوسفور وقناة شحن تتكلف عشرة مليارات دولار ستحول نصف اسطنبول الى جزيرة.
ويقول منتقدو أردوغان ان المشروعات الضخمة شتت الاهتمام بقضايا أكثر الحاحا في الدولة التي يبلغ تعداد سكانها 76 مليون نسمة.
وساحة تقسيم ذات طبيعة خاصة اذ بينما تجسد الساحات الاخرى في اسطنبول عظمة الامبراطورية العثمانية فان تقسيم تشيد بالافكار العلمانية للجمهورية التي تأسست في عام 1923 بعد انهيار هذه الامبراطورية. وكانت الساحة في وقت قريب موقعا لمذبحة عام 1977 لنحو 40 يساريا في عيد العمال.
وكانت الاحتفالات في ساحة تقسيم محظورة على مدى عقود عديدة الى ان سمح بها أردوغان مرة اخرى في عام 2010 ليتم اغلاق الساحة مرة اخرى في أول مايو ايار بسبب الانشاءات وهو ما أثار اسابيع من الاحتجاجات المحدودة التي تضخمت مثل كرة الثلج لتصبح اعمال شغب في مطلع الاسبوع.
وبدأت جهود بناء مسجد في ساحة تقسيم تطرح منذ 40 عاما على الاقل لكنها لم تكسب على الاطلاق تأييدا كافيا. وقال أردوغان لا أحتاج للحصول على اذن من المعارضة ولا أحتاج اليه من حفنة لصوص. الناخبون منحوني بالفعل الاذن لهذا .
وبناء مسجد في ساحة تقسيم لم يكن متصورا منذ عشر سنوات. وأبقى الجيش التركي الذي عين نفسه حارسا للعلمانية على حكومات مدنية لفترات قصيرة في السلطة وقام بثلاثة انقلابات وأجبر حكومة رابعة على الاستقالة.
وبتأييد شعبي قامت حكومة أردوغان بكبح جماح الجيش خلال السنوات العشر الماضية وبصفة اساسية من خلال قضايا قانونية ادت الى سجن عشرات الضباط الكبار لادوارهم المزعومة في مؤامرات ضد أردوغان ومن سبقوه.
وخلال معظم النصف الاول من ولايته في السلطة ركز أردوغان على الاصلاحات السياسية التي تستهدف دفع تركيا نحو المعايير السياسية للاتحاد الاوربي. وحصل الاكراد على حقوقهم الثقافية وتمتعت الاقليات الدينية بمزيد من الحريات وتم توسيع نطاق الخطاب العام...
والتشريع الذي صدر في الشهر الماضي والذي يضع ضوابط على بيع المشروبات الكحولية يثير مخاوف بشأن المجالات الاخرى للحياة الخاصة التي قد تسعى الحكومة الى فرض قيود عليها خاصة وان أردوغان أقر بأن القانون مستمد من مباديء الاسلام





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :