أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية سياسة لماذا اختير بوتين الرجل الأقوى في العالم؟

لماذا اختير بوتين الرجل الأقوى في العالم؟

11-01-2017 11:47 AM
الشاهد -

اسهم في النهوض باقتصاد بلاده واستعادة مدينة حلب
المراقبون يتوقعون تحسن العلاقات الروسية- الاميركية في عهد ترامب
الشاهد: عبدالله القاق
اختارت مجلة «فوربس» الأميركية الرئيسَ الروسي فلاديمير بوتين من جديد الرجلَ الأقوى في العالم. ومما لا شك فيه أن الرئيس الروسي ظهر بوضوح على الساحة العالمية خلال سنة 2016، كما بدا أن النجاح يحالفه في كل شيء، فدونالد ترامب، الذي اعترف بالإعجاب الذين يكنّه للرئيس الروسي، انتُخب رئيساً للولايات المتحدة في نوفمبر الماضي، وهذا من شأنه أن يسمح لبوتين، الذي يرى أن السياسة الأميركية لا تبدي احتراماً للمصالح الروسية، بأن يكون له شريك في واشنطن، وليس زعيماً يناصبه العداء، كما أن حليفه بشار الأسد، الذي كان بقاؤه على كرسي الرئاسة يبدو مهدَّداً قبل أربع سنوات، مازال في السلطة، لا بل إن قواته تمكنت مؤخراً من استعادة السيطرة على مدينة حلب، في ما مثّل لحظة بارزة في الحرب الأهلية السورية. وعلاوة على ذلك، فإن الزعماء الأوكرانيين المناوئين لبوتين لم ينجحوا في النهوض ببلدهم أو محاربة الفساد المستشري فيه.
بوتين، الذي يوجد في السلطة منذ 16 عاماً، يثير الإعجاب، ولكنه يثير أيضاً التعليقات المتناقضة جداً، فهو يتمتع بقدر استثنائي من الشعبية داخلياً بين الروس، شعبية لا تعزى فقط إلى حقيقة أنه يسيطر إلى حد كبير على وسائل الإعلام الروسية، ولكن أيضاً إلى حقيقة أن الروس يعترفون له بالفضل في تقويم اقتصاد البلاد واستعادة مجدها الدولي. وبالمقابل، يقدِّم بوتين في صورة سلبية للغاية في وسائل الإعلام الغربية: كمستبد وحشي، والمسؤول الرئيسي عن تدهور المناخ الدولي. ولا شك أنه لا يتوانى عن استخدام القوة في الوقت الذي يشعر فيه الغربيون بالتردد إزاء فكرة القيام بذلك، ولاسيما بعد الإخفاقات في العراق وأفغانستان وليبيا.
ولكن هل يجعل منه كل ذلك الرجل الأقوى في العالم؟ من دون شك لا، إذ لا ينبغي الخلط هنا بين الحضور القوي والقوة، فروسيا لا تمثل سوى 10 في المئة من الناتج المحلي الخام للولايات المتحدة، كما أن النفقات العسكرية الروسية تُعتبر قليلة – كنسبة من الناتج المحلي الخام – مقارنةً مع النفقات العسكرية الأميركية. ومما لا شك فيه أن تنديد واشنطن وحلف شمال الأطلسي بالتهديد العسكري الروسي يمثل حيلة دعائية من أجل تبرير سياساتهم، غير أنه صحيح، أيضاً، أن بوتين يملك سلطةَ قرارٍ شبه مطلقة في بلده، في حين أن يدي الرئيس الأميركي، مثلاً، مقيدتان نسبياً بالنظر إلى سلطة الكونجرس، أو المحكمة العليا، أو الرأي العام الذي أخذ يدير ظهره على نحو متزايد عن شؤون العالم.
وبالمقابل، فإن الرجل الأقوى في العالم، بالأحرى، هو الرئيس الصيني، وإنْ كان هذا الأخير لا يصدر تصديرات مثيرة للجدل، ذلك أن «شي جينبينغ»، الذي يوجد على رأس بلد يتمتع بصحة اقتصادية جيدة، يحظى أيضاً بشعبية كبيرة بين مواطنيه بالنظر لما حقّقه لبلده من نجاح اقتصادي وفخر وطني. وعلاوة على ذلك، فإن الصين، وخلافاً لموسكو وواشنطن، ولئن كانت تعمل بانتظام على زيادة قوتها العسكرية، فإنها لم تنخرط في عمليات خارجية يتضح لاحقاً أنها مكلِّفة، بل وكارثية بالنسبة لمن يقومون بها.
صحيح أن روسيا لا تقوم سوى بتقديم مساعدة محدودة للانفصاليين في «دونباس»، وفي حدود إمكانياتها، كما أنها لم تنخرط في عمليات برية كبيرة جداً في سوريا، وإنما تكتفي بالتركيز على عمليات جوية لا تعرِّض حيوات رجالها للخطر، غير أن الانتصار في حلب، ولئن كان يعزّز النظام السوري، فإنه لا يعزّز سوريا بأي حال من الأحوال، فالبلاد دُمِّرت. ولم تعد ثمة بنية تحتية، أو نظام تعليمي أو صحي، أو نشاط اقتصادي.
سيناريو غروزني في الشيشان– تدمير كل شيء ثم إعادة الإعمار من أجل نيل تأييد السكان–لا يمكن تكراره، وذلك لأن روسيا، بكل بساطة، لا تملك الإمكانيات لإعادة إعمار سوريا، ثم إنه حتى في حال انتهت المعارك اليوم، فإنه ستكون ثمة حاجة إلى ثلاثين عاماً حتى تستعيد سوريا المستوى الذي كانت عليه في 2011.
ويمكن القول إن انتصار القوات الحكومية السورية في حلب يُعتبر إلى حد كبير مظهراً خادعاً، فروسيا لن تستطيع دعم نظام بشار الأسد للأبد، حتى مع مشاركة إيران. وبالتالي، فلا بد من أن يستفيد بوتين من انتصاره، ومن موقف القوة الذي يوجد فيه، من أجل إيجاد حل سياسي. فهل سينجح في ذلك؟ الأكيد أنه إذا لم ينجح، فإن حدود قوته ستنكشف بسرعة.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :