أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية سياسة خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوروبي يهز...

خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوروبي يهز اقتصاد العالم !

04-07-2016 02:55 PM
الشاهد -

هل ينجم عن ذلك تفكك بريطانيا عن ايرلندا وويلز !؟

الشاهد :عبدالله محمد القاق

في الوقت الذي اعلنت الحكومة الاردنية برئاسة الرئيس الدكتور هاني الملقي دراسة التداعيات الاقتصادية والاثار السلبية على الاوضاع الاقتصادية الاردنية اثر خروج بريطانيا من عضوية الاتحاد الاوروبي خيم ضباب لندن على كل اسواق الخليج امس، التي تأثرت بانسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، مسجلة تراجعات جماعية منذ بداية جلسة التداول، استمرت لنهايتها، وان كان غالبيتها قد تمكن من تقليص تلك الخسائر. وكان سوق دبي الأكثر خسارة عند الاغلاق، والوحيد الذي «عزز» خسائره ولم يقلصها على غرار باقي أسواق المنطقة، حيث اغلق على تراجع %3.25 وأبوظبي %1.85 وقطر %1.24 والكويت %1.11 وعمان %0.60.
وتراجع السوق السعودي عند بداية التداولات بما يزيد عن 200 نقطة دون مستوى 6400 نقطة بنسبة وصلت %3.1 وسط خسائر لغالبية الاسهم المدرجة وذلك قبل ان يقلص التراجع الى 72 نقطة بنسبة %1.16 في نهاية التداولات.
ووفقا لبيانات صادرة عن شركة «كامكو» خصت بها القبس فقد بلغ حجم التراجع في القيمة السوقية لبورصات المنطقة امس نحو 11.5 مليار دولار إلى 871.3 مليار دولار. ولم يكترث البريطانيون لمناشدات ونصائح الرئيس الأميركي باراك أوباما الذي عكس الحاجة الأميركية الى استمرار النفوذ البريطاني القوي داخل أوروبا. ولم تنفع المداخلات والإغراءات الأوروبية التي قدمت في قمة فبراير الماضي لجهة تكريس خصوصية العضوية البريطانية في الاتحاد وإعطائها ضمانات تتعلق بالمحافظة على عملتها المستقلة (الجنيه الاسترليني) وعدم مشاركتها مستقبلا في أي عملية إنقاذ يقوم بها الأوروبيون لبلد عضو في الاتحاد يعاني من مشاكل اقتصادية ومالية على غرار أزمة اليونان والديون المالية.
المعسكر الذي دعا وصوت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي عزف على أوتار تدغدغ مشاعر البريطانيين وأبرزها: أولا «لا للتقشف» الذي يفرضه استمرار الارتباط بين المملكة والاتحاد الأوروبي، إذ إن المملكة هي بين 10 دول من دول الاتحاد الـ 28 التي تضخ أموالا في الاتحاد أكثر مما تأخذ منه ولا أحد يزيد عليها في ذلك سوى ألمانيا وفرنسا، ثانيا «التباهي بالهوية البريطانية» والتأكيد أن الجزر البريطانية رغم صغر حجمها أسست مملكة لا تغيب عنها الشمس، وبالتالي فإن البريطانيين ليسوا بحاجة الى جيرانهم الأوروبيين لا اقتصاديا ولا حتى أمنيا، ثالثا وقف تدفق المهاجرين القادمين من أوروبا الشرقية والوسطى الى المملكة وإغلاق الحدود تماما في وجه حرية التنقل التي تتيحها عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي لمواطني الدول الأعضاء في ذلك الاتحاد، رابعا الخروج من الاتحاد الأوروبي يعيد لبريطانيا سيادتها كاملة ويلغي أي قرارات مصيرية مرتبطة ببروكسل.
أما وقد حسمت بريطانيا مصيرها وقررت الخروج من الاتحاد الأوروبي، ستترتب على هذا القرار المصيري نتائج مهمة وكثيرة، فورية وبعيدة المدى، سياسية واقتصادية واستراتيجية، وهذه أبرزها:
1 ـ بروز تصدعات ومشاكل داخل المملكة المتحدة (بريطانيا وإيرلندا الشمالية) التي بدأت في الأعوام القليلة الماضية تعاني هي الأخرى من خطر الانقسام الى دول مستقلة تماما عن بعضها البعض، فشعوب الدول الأصغر حجما فيها مثل اسكوتلندا وويلز وإيرلندا الشمالية، وكلها ترى مصلحتها مع الاتحاد الأوروبي وبقاء بريطانيا فيه، وكانت تبدي تذمرا مركزة جميع إدارات ومؤسسات المملكة في إنجلترا. وولد هذا الاستياء ضغوطا على الحكومة البريطانية نتج عنها استفتاء حول استقلال اسكتلندا أجري في سبتمبر 2014 وانتهى لمصلحة بقاء هذا البلد جزءا من المملكة ولكن الفارق بين الاسكتلنديين الذين صوتوا للبقاء والراغبين في الاستقلال لم يتجاوز الـ 10 نقاط مئوية ما قدم مؤشرا واضحا الى أن الشعب الاسكتلندي عموما يتجه بشكل متسارع نحو تفضيل مستقبل لأجياله القادمة مستقل ومنفصل تماما عن بريطانيا العظمى. وفي حال حصل ذلك يتوقع المراقبون ألا يتأخر الويلزيون هم أيضا بطلب استقلال ويلز عن المملكة، ثم ينتهي المطاف بالإيرلنديين الشماليين بترك المملكة هم أيضا وتوحيد بلادهم مع شطرها الجنوبي الذي انفصل منذ نحو قرن عن المملكة ويعرف منذ ذلك الحين باسم جمهورية إيرلندا.
2 ـ مستقبل العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي ومستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه.
تبلور قيام الاتحاد الأوروبي الذي يضم حاليا 28 دولة ككيان سياسي - اقتصادي أساسا بدفع رباعي من بريطانيا نفسها بالتضافر مع فرنسا وألمانيا وإيطاليا، بموجب «معاهدة ماستريخت» الموقعة في العام 1993، بعد محاولات حثيثة لتأسيسه منذ خمسينيات القرن الماضي.
الى جانب فرنسا، كانت كل من ألمانيا وبريطانيا ومنذ فترة طويلة اللاعبين الرئيسيين والأكثر أهمية في الجهود الأوروبية الرامية الى صياغة الوحدة داخل القارة العجوز. لكن على الرغم من أن الألمان كانوا يقومون تقليديا بدور مسرع المشاريع إيمانا منهم بأن الاتحاد الفاعل هو المسار الوحيد وطويل الأجل نحو السلام والازدهار الأوروبي، فإن بريطانيا وفي الفترة نفسها كانت تقوم بدور «الكابح»، من حيث مقاومة المحاولات المستمرة نحو التكامل التام بين مختلف القارة من الجانبين السياسي والاقتصادي.
غياب بريطانيا بين اعضاء الاتحاد الاوروبي سيكون مؤثرا بقدر كبير.
وفي غياب لندن، تغيب «الترويكا» الأوروبية وتتحول ثنائية بين باريس وبرلين التي سيظل رهانها على فرنسا محدودا، لأن الأخيرة تجتاز أزمة اقتصادية ولم تتمكن الى الآن من استعادة النمو بوتيرة تسمح لها بحل مشكلاتها الاجتماعية الصعبة، وخصوصا قضية ارتفاع البطالة. وعلى مدى أسابيع حاول المسؤولون الأوروبيون تفادي النقاشات الحساسة المتعلقة بمصير بريطانيا، لكن المسألة حاضرة في الكواليس، والجميع يعرف أنه أيا يكن خيار البريطانيين، سيتعين على الاتحاد الأوروبي إجراء تغييرات كبيرة.
الاستفتاء البريطاني أحدث صدمة داخل الاتحاد المنقسم بسبب أزمة الهجرة والاقتصاد الضعيف والتهديد المتنامي للتنظيمات الإرهابية، وأدرك القادة الأوروبيون أن الوضع لا يمكن أن يبقى على حاله، ذلك أن المواضيع التي حركت حملة الاستفتاء لقيت صدى في القارة العجوز التي فقدت على ما يبدو الثقة في إقامة فضاء أوروبي مثالي لما بعد الحرب.
المشكلة أن بريطانيا ستكون هنا قدوة مشؤومة للأوروبيين. ان خرجت سيكون عليها التفاوض، وان نجح نموذج دولتها خارج العائلة الأوروبية سيكون هنالك كثيرون يقولون: ما الذي يجبرنا على البقاء إذا؟ سيتبدد حينها الحديث عن «الأفق المجهول»، ليتبدد معه الشبح الذي يخيف البقية، بفعالية كبيرة، طبعا باستثناء بريطانيا.
3 ـ مستقبل حلف الأطلسي بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي: على الصعيد الأطلسي، القلق الذي عبر عنه أوباما إزاء «بريكزيت» يلامس جملة جوهرية من البنى الاستراتيجية والأمنية. والقلق الأميركي هو في النهاية قلق مؤسساتي لو لم يكن كذلك لما قامت مجموعة كبيرة من وزراء خارجية ومالية ودفاع ومدراء وكالة الاستخبارات المركزية الأميركيين السابقين بنشر رسالة في صحيفة «التايمز» اللندنية في الشهر الماضي تحذر المقترع البريطاني من تبعات الانسحاب من الاتحاد الأوروبي على الأمن الأوروبي والأطلسي، وأن يقدم هؤلاء على خطوة من هذا النوع يعبر عن خوف حقيقي في واشنطن من نتائج «بريكزيت» الجيوسياسية على المصالح الكونية للولايات المتحدة نفسها. فهي تعتبر بريطانيا على مر العقود منذ الحرب العالمية الثانية الركن الحيوي في الشراكة الأطلسية. فكم سمعنا مرارا من المسؤولين الأميركيين أن تلعب لندن دور الجسر بين واشنطن وعواصم أوروبا الأخرى في حالات السوء والرخاء في آن. وما سمي بـ «العلاقات الخاصة» بين البلدين يعني شيئا حيويا في مجال التعاون المفتوح دفاعيا واستخباراتيا.
لدى واشنطن قلق أوسع وأكثر تعقيدا، إذ تخشى أن يؤدي خروج بريطانيا مع مرور الوقت إلى تفكك الاتحاد.
4 ـ التداعيات الاقتصادية وحالة الاضطراب التي ستسود في الاسواق العالمية: تعصف المخاوف من نتيجة الاستفتاء بالمصارف البريطانية والاوروبية التي سجلت اسهمها في البورصة انخفاضات كبيرة، وتضخمت تكلفة التأمين على ديونها، كما اثارت نتيجة للاستفتاء حالة استنفار في صفوف المصارف المركزية العالمية، وتزداد خطورة الاستفتاء نظرا لموقع بريطانيا كمركز اوروبي وعالمي للاعمال المصرفية، اذ تتخذ مصارف عالمية كبرى مثل «سوسييتيه جنرال» الفرنسي و«دويتشه بنك» الالماني و«جي.بي.مورغان» الاميركي مقرات لانشطتها الرئيسية في لندن.
حلفاء لندن سيخسرون، والقائمة تشمل معسكر الحلفاء التاريخيين.
خروج بريطانيا سيؤثر سلبا في قرارات المستثمرين، ويرتب تبعات سلبية على اقتصاد بريطانيا نفسها، وبالتالي فإن بريطانيا التي استفادت من تدفق الاستثمارات واليد العاملة الماهرة لأنها جزء من الاتحاد الاوروبي، ستشهد مرحلة من عدم الوضوح مع خروجها من الاتحاد وستبعد المستثمرين عنها.





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :