أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات تغول الفساد الاداري من اكثر مسببات الاحتقان...

تغول الفساد الاداري من اكثر مسببات الاحتقان والسخط الشعبي

01-03-2023 02:42 PM

احمد عبدالباسط الرجوب

لا أحد يصدق بأن الأصلاح الأداري ممكن ، في حين ان الجميع مقتنع بأنة ضروري.. فلا تنمية ، ولا استثمار ولا حتى قروض او هبات من دون اصلاح اداري جذري.. فالتنمية باتت مرتبطة بشكل وثيق بالنهوض الأداري ، ورجال الأعمال والمستثمرون لا يذهبون الا حيث تتأمن لهم الاطر الضامنة للعمل والربح ، والدول المانحة والمقرضة اخذت تشترط اصلاحات مالية وادارية كي تقدم المساعدات...

وكما يعلم الجميع بأن الفساد الاداري والمالي هما من اكثر مسببات الاحتقان والسخط الشعبي في اية بلاد .. مقابل مثل هذه المسلمات التي يوافق عليها الجميع ، يسود مناخ مفاده ان الأصلاح غير ممكن، وان الطبقة السياسية مستفيدة من الوضع الأداري الغير فاعل، وبأنة يحتاج الى قرار سياسي، وان كل اصلاح يصطدم بعقبات ثلاث هي: النخب السياسية – البيروقراطية – الفساد...

تعتبر ظاهرة الفساد الاداري والمالي آفة مجتمعية فتاكة وهي قديمة ومخضرمة وجدت في كل العصور، وفي كل المجتمعات ، الغنية والفقيرة ، المتعلمة والأمية ، القوية والضعيفة ، وحتى يومنا هذا ، فظهورها واستمرارها مرتبط برغبة الإنسان في الحصول على مكاسب مادية أو معنوية بطرق غير مشروعة وتكون واضحة بصورة كبيرة وخاصة في المؤسسات الحكومية حيث انه سبب مشكلاتها الاقتصادية وتخلفها عن مسيرة التقدم ...

وللاسف تحولت النخب السياسية الى حام لأفرادها في وجه الدولة والقانون ( صارت التعينات تتم عن طريق هؤلاء المتنفذين ) وبخاصة تلك المتعلقة بتسيير وادارة الدوائر والمؤسسات الخدمية والتي يكتوي بنار مزاجيتهم وجهلهم الاداري المواطن البسيط ، وصار ولاء الموظف لهم وليس للدولة وصارت محاسبة الموظف محاسبة لهم، فتساقطت قوانين الرقابة والحساب والعقاب، وتحول الموظف الي محمية لهؤلاء، وتراجعت الأنتاجية وعمت الواسطات، فحيث لا رقابة ولا محاسبة تسود ........

البيروقراطية منتشرة في معظم انحاء العالم ، وهذا مرض يصيب الدول المتقدمة والمتخلفة على حد سواء. وهذه العلة تحتاج الى التنشئة والشفافية والديموقراطية. فلا بد من افهام الموظف بأنه في خدمة المواطن وليس المواطن في خدمته، وان الأستبداد الأداري يوازي الأستبداد السياسي، وان الديموقراطية تفرض المساواة بين الناس. وكثيرا ما يكره المواطن دولته بسبب معاملة الموظفين له او استعلاء من آلت السلطة اليهم بفعل التفاف المسؤولين حول بعضهم على موائد تقاسم غنائم الوطن ؟!. وكثيرا ما تكبر الهوة بين الناس والحكم بسبب استعلاء الموظف على المواطن، وشعور المواطن بأن الأدارة هي عدوة وليست راعية..

أما افة الفساد الذي سرعان مايتحول الى نظام فساد وافساد لا يرحم احدا ويأكل كل شيء ليتاكل فيمابعد. فالفساد يحول الادارة من مفهوم الخدمة العامة الى مفهوم الأثراء غير المشروع والتنفيع بين المحاسيب وسمار الليل ؟!، ويصبح المال هو المحرك ، وتصبح الرشوة والسرقة والواسطة قواعد عمل ادارية متعارفا عليها الى درجة يقتنع معها المواطن بأنه لا يمكنه ان يصل الى حقه اذا لم يدفع المال اللازم أو اذا لم يتدخل لمصلحته الشخص النافذ...

في ظل هذا الأعتقاد لايعود للجدارة والكفاية والشهادة من قيمة أوفائدة ، ويختلط الصالح بالطالح... وتصبح الأدارة لعبة مال ونفوذ ليس الا ، وهذه نظرة المواطن الى ادارتة : لايمكن للمواطن ان يحصل على حقه بجدارته وكفاءته ، ويمكنه التوصل الى اكثر من حقه عن طريق المال والنفوذ وسلطة الانفراد بالجاه المدعوم من الكرسي الوثير . قناعة مؤلمة وقاسية ، لكنها واقعية وواقعية في الكثير من الحالات...

ان مثلث الأفات الأدارية متماسك ، ويظهر ان المستفيدين منه ، على اختلافهم وخلافاتهم ، يتحالفون فيما بينهم للحفاظ عليه... أما الاصلاحيون فهم على تباعد على الرغم مما يجمعهم من احلام الاصلاح والتغيير والتقدم..

تحالف المستفيدين من افات الأدارة اقوى من تحالف الأصلاحيين ، لكني اشعر في العمق بأن الأصلاح آت لامحالة ، عاجلا ام اجلا ، فبقدر ما اغتنمنا الوقت بقدر ما كانت الكلفة اقل والفائدة اكبر...

خلاصة القول:

وفي هذا الاطار فإننا نثق بالجهات الرسمية التي ترصد كل المخالفات (الفساد المالي والاداري) والتي تحوم حولها شبهات الفساد فيما يحدث في بعض مؤسسات الدولة من تجاوزات خطيرة لتعود ثقة المواطن بمؤسساتنا الوطنية وكشف المستور لهؤلاء المتنفذين والذين في تماديهم على حقوق الغير وسوء استعمال السلطة كتقديم الخدمات الشخصية وتسهيل الأمور وتجاوز اعتبارات العدالة الموضوعية في منح أقارب أو معارف المسؤولين ما يطلب منهم ، وانتهاج سرطان الواسطة و المحسوبية مما يترتب على انتشار هذه الظاهرة لشغل الوظائف العامة بأشخاص غير مؤهلين وهى شكلا من أشكال تبادل المصالح مما يؤثر على انخفاض كفاءة الإدارة في تقديم الخدمات وزيادة الإنتاج وتنفيع انفسهم ومحاسيبهم من جيوب المواطنين دافعي الضرائب وبهذا هم يسرقون مقدرات الوطن وبالتالي يزيدون من الفجوة وسخط المواطن على الدولة كنتيجة حتمية لتدني الخدمات نظرا لفعل هؤلاء المسؤولين الجشعين المارقين والذين اعتقدوا ان مطرقة العدالة بعيدة عن رؤسهم بحماية من لدن كراسيهم الوثيرة ولم يعلموا بانها لو دامت لغيرهم لما وصلت اليهم...

حمى الله بلادنا في ظل قيادتها الهاشمية الحكيمة المظفرة..

باحث ومخطط استراتيجي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :