أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات المحيط الهادىء .. المواجهه المؤجله

المحيط الهادىء .. المواجهه المؤجله

10-12-2022 01:28 PM

بقلم : عمر مقبل العبدللات


يقول المثل الصيني "لتكن قوسك مهيأه ولكن أجل اطلاق السهم "

تدرك الصين انه لا يمكن لأي دوله مهما كانت قوتها الاقتصاديه والعسكريه والدبلوماسيه ان تكون قطباً دولياً فاعلاً من دون بناء تحالفات ولذلك فقد شاركت بفاعليه كبيره في اربع قمم هامة كان اخرها المنتدى الصيني الخليجي العربي وسأتطرق للحديث عنه اخر هذه المقالة ،، وأما القمم الثلاث الاخرى كانت في منطقة شرق اسيا وهي رابطة دول جنوب شرق اسيا ( الاسيان ) ومنتدى التعاون الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادي ( ابك ) واكثرها اهميه قمة مجموعة العشرين حيث يكفي ان نشير الى انها تمثل 85% من الناتج الاجمالي العالمي وثلاث ارباع التجارة الدولية و 60% من سكان العالم ،

وتضم الاقتصاديات السبع الكبرى و13 اقتصاداً صاعداً وهي منتدى اقتصادي انشأ عام 1999 واصبح منذ الازمة الازمة الاقتصادية العالمية عام 2008 يعقد اجتماعاته على مستوى الزعماء وقرارات قممه لاتحمل صفة الالزام القانوني وانما الطوعي ، وهذا متوقع لانها تضم دولاً متنافسه اقتصاديا وجيوسياسياً وخاصة الصين والولايات المتحدة الامريكية وعادة ما يناقش في اجتماعاتها قضايا النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدوليه والاسواق الماليه وقضايا تفرضها الازمات الدوليه مثل الطاقة والامن الغذائي والبيئة والارهاب والحروب التكنولوجية .


عكست القمة الاخيرة لمجموعة العشرين والتي عقدت في شهر تشرين ثاني 2022 باندونيسيا توتراً بين أعضائها بسبب حالة الاستقطاب بين روسيا والغرب من جهه وتنامي قوة الصين من جهة اخرى ، حيث يوجد تنافس على نموذجين رئيسيين :-


الاول تمثله الولايات المتحدة والدول الغربية وهو اقتصاد السوق .


الثاني تمثله الصين وروسيا وهو النوذج المركزي في الحكم وادارة الدوله .
وهذا الاخير حقق نجاحات اقتصادية واسعة تروج لها الصين من خلال استراتيجيتها الكبرى ( الحزام والطريق ) والتي تعتبر رأس حربه اقتصادي يعمل كمقدمه لتعزيز النفوذ السياسي ، وهو ما دفع استراتيجية الامن القومي الامريكي والصادره بالتزامن مع عقد القمة الى اعتبار الصين المنافس الاول الذي يمتلك الارداة والقدرات الاقتصاديه والعسكرية والدبلوماسيه لتجاوز الولايات المتحده .



تنشأ نقاط التوتر نتيجة لتضارب المصالح وهو في الحاله الامريكية الصينيه يتركز في 4 ملفات وهي : تايوان ، الحربين التجاريه ، والتكنولوجيه ، كوريا الشماليه ، حيث تعتبر الصين تايوان في صلب المصالح الحيويه لها ، لذا فقد مالت الولايات المتحده للتهدئه في هذا الملف حيث تسعى الى إبقاء الوضع الحالي لتايوان كما هو ( الحكم الذاتي ) علماً بأن التصعيد بينهما كان سيد الموقف ابان زيارة رئيسة مجلس النواب الامريكي لتايون قبل اشهر قليله .



أما في الملف الاقتصادي فمن المتوقع أن تبقى الرسوم الجمركيه التي فرضتها إدارة ترامب على الصين كما هي بالرغم من تجاوز حجم التجارة بينهما حاجز 500مليار دولار ، وتأمل الولايات المتحده منع الصين من الوصول الى تكنولوجيا صناعة الرقائق الالكترونيه ،

اما في الملف الكوري فتحاول واشنطن اقناع بكين بالضغط على حليفتها بيونغ يانغ لوقف التجارب الصاروخيه والنوويه التي تهدد حلفائها في شرق اسيا وخاصه اليابان وكوريا الجنوبيه .


تميل الاداره الديموقراطيه في البيت الابيض للتهدئه والدبلوماسيه مع الصين لهدفين أولهما إبقاء العلاقات بينهما في باب المنافسه وليس المواجهه وثانيهما محاولة إضعاف المحور الصيني -الروسي .



يأتي انعقاد المنتدى الصيني العربي في قممه الثلاث في الرياض هذه الايام في صلب استراتيجية التوسع الصينيه لما للوطن العربي من موقع جيواستراتيجي هام وموارد طاقة ومعادن هائله وثقل بشري حيث ترغب الصين في تعزيز موقعها كشريك موثوق مع الدول العربية .

فحجم التجارة البينيه ارتفع من 36 مليار دولار عام 2004 الى 330 مليار دولار عام 2021 وهي بذلك تكون الشريك التجاري الاول متجاوزةً الولايات المتحده والاتحاد الاوروبي ، وتجاوزت الاستثمارات الصينيه في الدول العربيه عتبة 214 مليار دولار متركزة في قطاعات النقل والبنيه التحتيه والاتصالات والموانيْ وخاصه في السعودية والكويت ومصر وسلطنة عمان .

ومن الجدير بالذكر أن دول الخليج العربي تستخدم التقنية الصينيه ( هواوي ) في شبكات اتصالاتها وهي التقنية التي تثير حساسية بين الولايات المتحدة والصين.


مايجذب الصين لمنطقة الخليج العربي هو الطاقة حيث تعتبر السعودية المزود الاول للنفط للاقتصاد الصيني بحجم وصل مليون ونصف المليون برميل يوميا وكذلك وقعت الصين اتفاقية تمتد 27 عام لتزويدها ب 4 ملايين طن سنويا من الغاز المسال القطري وفي كل ذلك تسعى الصين لدفع اثمان الطاقة باليوان الصيني مما يضعف مكانة الدولار في سوق الطاقة العالمي وتسعى كذلك لحجز حصة اكبر في سوق السلاح في المنطقة العربية والتي انفقت عام 2020 ما يزيد على 100 مليار دولار لشراء السلاح .


جاءت اللقاءات العربيه الصينيه في وقت تشهد فيه العلاقات الخليجية الامريكية توتراً أثر أزمة الطاقة وقرار منظمة أوبك بلس تخفيض إنتاج النفقط بمقدار مليوني برميل ، فالصين تسعى لاقتناص أي فرصه لملْ الفراغ الناشيْ عن إنسحاب واشنطن من المنطقة حيث تلعب على وتر تخوف دول المنطقه من الشريك الامريكي وحاجتها الى الاستفاده من عالم متعدد الاقطاب لتقوية موقفها التنفاوضي مع الغرب مستقبلاً ،

وبالرغم من التعاون العسكري و التكنولوجي الصيني الاسرائيلي الا أن موقف الصين من القضية الفلسطينية أكثر إعتدالاً من المواقف الغربيه مما يجعلها موضع ترحيب عربي ويجعل المارد الاصفر لاعباً هاماً في هذه المنطقة الحيويه لايمكن تجاهله ولكن لايمكنه أن يزيح واشنطن من موقع الصداره في القضايا السياسية والامنيه في المنطقه بالمدى المنظور .


من المتوقع بعد هذه اللقاءات أن تضيف الصين في جدار تحالفاتهات لبنة جديدة لتكريس نفسها قطبا عالميا في عالم متعدد الاقطاب ، فالسهم الصيني انطلق من قوسه ويكتسب تسارعا كبيرا لبلوغ أهدافه .


قصارى القول أن بوصلة الدبلوماسيه الدوليه تتجه نحو آسيا فهي أكثف القارات سكاناً وأغناها ثرواتً وأضخمها أسواقاً ، وإن مركز الثقل الدولي سياسياً واقتصادياً وعسكرياً سينتقل من المحيط الاطلسي غربا الى الهاديْ شرقا وتحديدا في بحري الصين واليابان مما دفع الادارات الامريكية المتعاقبه الى إعطاء الاولويه لهذه المنطقة على بقية أقاليم العالم .






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :