أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية عربي ودولي هل الحرب الروسية الأوكراونية امتداد للحرب...

هل الحرب الروسية الأوكراونية امتداد للحرب العالمية الثانية؟

26-11-2022 02:54 PM
الشاهد -

يرى المحلل الروسي أندريه كوليسنيكوف، رئيس برنامج السياسة الداخلية بمؤسسة كارنيجي للسلام الدولي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نجح في إقناع قطاع كبير من الروس بأن "العملية العسكرية الخاصة" في أوكرانيا، هي استمرار طبيعي للحرب العالمية الثانية، وهي في الحقيقة حرب وجودية بين الحضارة الروسية والغرب.

ويقول كوليسنيكوف في تقرير نشرته مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي إن "هناك اعتقاداً بأن النخبة الروسية في عهد الرئيس فلاديمير بوتين لا تهتم إطلاقاً سوى بالمال، ومع ذلك فإن نظام بوتين المتشدد، المعادي لليبرالية، والمعادي للغرب، والانعزالي، وذو التفكير الأبوي، والسلطوي للغاية لديه أيدولوجية دائماً، وهذه الأيدولوجية ليست منسقة لكنها موجودة، ومن الممكن ملاحظة مقتطفات منها في خطب بوتين ومقالاته والمقابلات معه، والآن تتطلب الحرب في أوكرانيا أيدولوجية أكثر وضوحاً".

ويضيف كوليسنيكوف، الذي تركز أبحاثه على الاتجاهات الرئيسية التي تشكل السياسة الداخلية الروسية، مع التركيز بوجه خاص على التحولات الإيدولوجية داخل المجتمع الروسي أن "مبادرة تنسيق وتقنين البوتينية أدت إلى إصدار مرسوم رئاسي يحدد القيم الروحية والاخلاقية التقليدية، وكذلك تطوير منهج أيدولوجي جديد للكليات، ولم يعد كافياً تلقين الأطفال في دور الحضانة والمدارس، فقد حان الآن الوقت لتوحيد الآراء العالمية لطلاب الكليات (ومن ثم آراء الأساتذة، الذين من المحتم سوف يتم تطهير صفوفهم)".

ومثل هذا النوع من المنهج تم تعليمه أثناء العهد السوفيتي، وعُرف بـ"الشيوعية العلمية"، ومن الممكن أن يكون اسم المنهج الجديد أكثر عبثية ومتناقض الألفاظ: "البوتينية العلمية"، (واسمه الرسمي "أساسيات الدولة الروسية").

ومن المفترض أن يتضمن هذا المنهج أربع وحدات: "التاريخ"(سياسة تاريخية مثل فرض نسخة رسمية أسطورية للتاريخ، وهي إحدى أدوات التلاعب بالوعي الجمعي للروس)؛ و"الرموز الثقافية" ("القيم الروحية والأخلاقية التقليدية" التي أمر بوتين أجهزة الحكومة الفيدرالية والحكومات الإقليمية بـ"توحيدها")؛ و"روسيا والعالم" (مبرر للانعزالية، ومعاداة الغرب، والشوفينية)؛ و"رؤية للمستقبل"(حيث تفتقر روسيا تماما لأي تحديد للأهداف، وتحتاج نوعاً ما من الاتفاق على ما تريده الدولة لتحقيق ما بعد الانتصار على أوكرانيا والقضاء على " الطابور الخامس").

ومثل هذا المنهج يبرر تقديس القائد الأبدي، وفكرة البطولة القائمة على أساس التضحية، ويتمشى مع الخطاب الديني الذي تخوض روسيا على أساسه حرباً ضد قوى الشر والشيطان، كما يتضح في التصريحات الخاصة بـ"العملية العسكرية الخاصة" بوصفها بأنها "حرب ضد الشيطان"، ومع ذلك، تفتقر البوتينية العلمية لمكونات رئيسية: وهي تحديد الأهداف ورؤية مناسبة للمستقبل، والمشكلة هي أنها إيدولوجية تتعلق بالماضي وليس المستقبل.

ويوضح كوليسنيكوف أن إبان رئاسة ديمتري ميدفيديف، كانت هناك فرق تعكف على وضع إيدولوجية تناسب المستقبل ووضع خرائط طريق على أساس فكرة أن روسيا سوف تُسرع من تحديث الدولة والمجتمع، ولكن أيدولوجية بوتين تتعارض مع التحديث.

ويؤكد أن الأيدولوجيات تساعد في توحيد الوعي الجمعي والتصورات التاريخية والنظام السياسي، واستخدام الطقوس الدينية لتعزيز المعتقدات الجماعية، ولكن أي أيدولوجية تتكون من أساطير تاريخية، وثقافية ودينية، وتقاليد زائفة والاستياء والحقد، تسعى إلى إضفاء الشرعية على نظام سلطوي ونزع الشرعية عن الذين يعارضونه ولا يتفقون مع أفكاره.

وتعتبر الإمبريالية والاستعمار من العناصر الأساسية للبوتينية وعوامل رئيسية في الحرب، وليس هناك جديد في هذه الأيدولوجية، فهي تقريباً صورة طبق الأصل للستالينية والتصورات الأوراسية والسلافية القديمة، إذ يتم تبرير الحرب بأنها سعي لاستعادة العدالة التاريخية، وأنها حرب دفاعية ووقائية وتحريرية، ووفقاً لبوتين يتعين" استعادة وتعزيز" أرض الامبراطورية الروسية.

وبدأ بوتين يشير إلى روسيا باعتبارها حضارة كاملة، والدولة ليست فقط مقدسة وتستحق التضحية التامة، ولكنها أيضاً حضارة منفصلة ومتميزة، ولهذه الحضارة مسار خاص و"تاريخ عمره ألف عام"، وداخل هذا التاريخ يتم تمرير الرموز الثقافية من جيل إلى جيل كجزء من الحمض النووي السياسي للدولة، ولهذه الحضارة مجموعة أبطالها التي لا تتغير من العهد السوفيتي حتى عهد بوتين.

وطوال "تاريخ الألف عام" تتعرض هذه الحضارة للهجوم من جانب الحاسدين والأعداء، وهذه الحالة من الصراع الدائم مهمة، ولا تقتصر على أرض المعركة: فالدولة لا بد أن تفوز في جميع المجالات- في الثقافة والرياضة، وفي بناء المنشآت الأولمبية، وفي الحرب ضد أوكرانيا والغرب.

وفي هذا السياق، هناك مفهوم مهم وهو أنه يتم تفسير السيادة بأنها الاكتفاء الذاتي وبأنها قاعدة سياسية وقمعية لا حدود لها داخل الدولة؛ السيادة كهدف للخصوم الذين يريدون إضعاف، وتفكيك وتدمير روسيا؛ التي تتعرض لهجمات متنوعة من الخارج والتخريب من جانب "الطابور الخامس" في الداخل.

وللدفاع عن سيادة حضارة الدولة، يعتمد الكرملين على الأجهزة الأمنية، أو السلوفيك (وهي تعني مجموعة من الموظفين القوميين القادمين من أجهزة أمنية روسية تقليدية، لديهم عقيدة سياسية قومية ترى أن روسيا يجب أن تُعامل كقوة عظمى، وهم يحصلون على تمويل إضافي ويتم دعمهم بمستشاريين إعلاميين وما يسمى بـ"الصحفيين" في خدمة الكرملين).

وأصبحت وزارة الثقافة، والروسكوماندزور(الهيئة المسؤولة عن مراقبة الإعلام والاتصالات)، وغيرهما من المؤسسات مثل الكنيسة الأرثوذكسية الروسية التي تدافع عن "القيم التقليدية" ضمن السلوفيك، حيث يتمتعون بحق حظر أو منع وسائل الإعلام، وتقييد مبيعات كتب المؤلفين الذين يعارضون الحرب، ويقررون من الذين يمكنهم التمثيل فوق مسارح الدولة.

كما أصبحت هذه الأيدولوجية تحظى بالدعم من خلال التصرفات السياسية والعسكرية مثل ضم شبه جزيرة القرم و"العملية العسكرية الخاصة"، وباختصار، يمكن القول إن العملية الأيدولوجية الخاصة مستمرة، ويبدو أنها تحقق نتائج أفضل من العملية العسكرية الخاصة.






تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :