أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية سياسة ماذا بعد انسحاب روسيا من خيرسون؟ وما يعنيه في...

ماذا بعد انسحاب روسيا من خيرسون؟ وما يعنيه في مسار الحرب؟ خبير عسكري أميركي يوضح

14-11-2022 10:00 AM
الشاهد -

رأى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن استعادة مدينة خيرسون تُعد تطورا تاريخيا، قائلا إن قواته دخلت المدينة بعد إعلان روسيا الانسحاب منها.

وشهدت العاصمة كييف احتفالات بتحرير المدينة التي أعلنت روسيا ضمها لأراضيها قبل شهرين، وردّد المحتفلون هتافات التأييد لوحدة الأراضي الأوكرانية، ودعم القوات المسلحة التي قالوا إنها تحقق انتصارات متتالية في جبهات القتال.


ماذا تعني خسارة روسيا خيرسون؟

ولإلقاء المزيد من الضوء –من الناحية العسكرية- على ما جرى في خيرسون، حاورت الجزيرة نت البروفيسور روبرت بيرسون، أستاذ العلاقات الدولية في "ويست بوينت" (West Point)، أشهر أكاديمية عسكرية أميركية.

ويركز هذا الأكاديمي في أبحاثه على السياسة الخارجية والداخلية لروسيا والجمهوريات السوفياتية السابقة، وسينشر قريبا كتابه الجديد عن "الإستراتيجية الروسية الكبرى في القرن الـ21".

وحصل بيرسون على شهادة الدكتوراه من "جامعة ييل" (Yale University)، ودرجة الماجستير من "جامعة ستانفورد" (Stanford University)، وهو زميل غير مقيم في "معهد الحرب الحديثة" (Modern War Institute).

وفي ما يأتي نص الحوار مع البروفيسور بيرسون، وتنبّه الجزيرة نت إلى أن الآراء الواردة فيه تعكس وجهة نظر البروفيسور، ولا تعبّر عن أي موقف رسمي لوزارة الدفاع أو الحكومة الأميركية.

كيف تفسر الانسحاب الروسي من مدينة خيرسون، المدينة التي وصفها بوتين بأنها "أرض روسية" قبل بضعة أسابيع فقط؟
يشكل انسحاب روسيا من خيرسون انتكاسة عسكرية وسياسية كبرى لموسكو. ولأن الإعلان عنه جاء في وقت مبكر، فهو لم يشبه ظاهريا الانسحاب الكارثي من منطقة خاركيف، إلا أن الدلائل تشير إلى أن القوات الروسية المتبقية في خيرسون لم تكن تتوقعه، وجرى الانسحاب على نحو غير منظم للغاية أيضا.

ومرة أخرى، يؤكد هذا ما رأيناه مؤخرا؛ إذ لا يزال الجيش الروسي يعاني ضعف القيادة والمعدات والخدمات اللوجستية والروح المعنوية. ومن المرجح أن يؤدي الانسحاب من خيرسون إلى تفاقم كل هذه الظروف مع تآكل قدرة روسيا على مواصلة جهودها الحربية في أوكرانيا.

هل يمكنك وضع هذا الانسحاب في السياق الأوسع للحرب الروسية على أوكرانيا؟
قبل بضعة أسابيع فقط، أعلنت روسيا أن هذه الأراضي التي تم ضمّها صارت تحت سيادتها، وأنه لن يتم التخلي عنها أبدا لأوكرانيا. وأدى ذلك إلى مخاوف من أن بوتين سيستخدم الأسلحة النووية التكتيكية في أوكرانيا للدفاع عن الأراضي التي تم ضمها، الأمر الذي أثار بدوره دعوات لضبط النفس في أوكرانيا وخفض شحنات الأسلحة الغربية، والدفع نحو المفاوضات مع روسيا.

وإذا لم يكن هناك شيء آخر، فإن قرار الانسحاب من خيرسون يشير إلى أن بوتين يواصل التصرف بعقلانية ولن يخاطر بالعواقب الكارثية لاستخدام الأسلحة النووية. وتوضح هذه الخطوة الروسية أن بوتين غير مستعد للدفاع عن الأراضي التي تم ضمها لروسيا بالطريقة نفسها التي من المرجح أن يدافع بها عن الأراضي الروسية "الحقيقية".

وينبغي أن يكون ذلك مطمئنا للقلقين من استخدام الأسلحة النووية، فضلا عن أولئك الذين يرغبون في رؤية أوكرانيا تواصل استعادة أراضيها التي ضمتها روسيا بصورة غير مشروعة.

ما رأيك في الهجمات الروسية الأخيرة على المناطق المدنية الأوكرانية، بما في ذلك العاصمة كييف؟
أولا وقبل كل شيء، يجب التأكيد أن هجوم روسيا على أهداف مدنية في أوكرانيا يُعد انتهاكا واضحا للقانون الدولي تجب محاسبة روسيا عليه.

ومن غير المرجح أن تحدث هذه الهجمات فارقا عسكريا كبيرا، لأن أهدافها لم تقدّم أي قيمة عسكرية إستراتيجية. كما أن هذه الهجمات لن تردع أو ترهب الأوكرانيين الذين سيستمرون في القتال والمقاومة بغض النظر عن كيفية تصعيد روسيا هجماتها.

لكن الهجوم يظهر لنا أيضا أن جسر كيرتش في شبه جزيرة القرم كان يحمل أهمية رمزية كبيرة لبوتين، إذ يمكن وصف تلك الهجمات بأنها ليست أقل من رد فعل عاطفي، انتقاما لتفجير الجسر. وسيساعد انتقام موسكو أيضا في تخفيف حدة الانتقادات داخل روسيا من المتطرفين القوميين الذين يدعون إلى مثل هذه التكتيكات الوحشية منذ أشهر.

لكن من غير المرجح أن يتم استرضاء المتطرفين المؤيدين للحرب في روسيا لفترة طويلة، إذ ستعود انتقاداتهم مع النجاح المقبل للأوكرانيين في ساحة المعركة.


كيف تحوّلت الحرب ووصلت إلى هذه اللحظة الحاسمة؟
تشير كل التطورات الأخيرة إلى أن بوتين يدرك أن روسيا تخسر الحرب، فهو وجنرالاته غير قادرين على هندسة الانتصارات العسكرية في ساحة المعركة، لذلك يشنّون ضربات مدمرة ضد المدنيين.

وبعبارة أخرى، يبدو أن روسيا تزداد يأسا مع كل تقدم أوكراني في الشرق والجنوب. ومن المرجح أن تزداد كثافة هجماتها كلما تمكّنت أوكرانيا من تحقيق المزيد من الانتصارات في الأسابيع والأشهر المقبلة، ولهذا السبب يتعين على المجتمع الدولي أن يحافظ على أقصى قدر من الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على روسيا، مع الاستمرار في دعم قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها.

هل يمكن أن تثير التطورات الأخيرة ردا نوويا من روسيا؟
لا يزال من غير المرجح أن تستخدم روسيا الأسلحة النووية في أوكرانيا، لأن ذلك من شأنه أن يقدم قيمة عسكرية محدودة، وأن يعزل روسيا عن شركائها الدوليين (وأولئك الذين يحاولون البقاء على الحياد)، ويمكن أن يهدد أيضا الاستقرار السياسي الروسي وربما حتى سيطرة بوتين على البلاد.

بالإضافة إلى ذلك، أبلغت الولايات المتحدة وغيرها من أعضاء حلف شمال الأطلسي "ناتو" (NATO) روسيا سرا أن العواقب التي ستواجهها إذا ما استخدمت الأسلحة النووية ستكون كارثية.


كيف يمكن للولايات المتحدة والناتو الرد على أي هجوم نووي روسي، حتى لو كان تكتيكيا ومحدودا على هدف داخل أوكرانيا؟
ينبغي التأكيد أن هذه مجرد تكهنات شخصية، وليست سياسة رسمية للحكومة الأميركية، ولكنني أتوقع أن تزيل الولايات المتحدة وحلفاؤها جميع القيود المفروضة على أنواع الأسلحة المقدمة إلى أوكرانيا.

حتى الآن، كنّا مترددين في توفير أنظمة أسلحة بعيدة المدى، وطائرات مقاتلة، ودبابات قتالية، وغيرها من الأسلحة الثقيلة خوفا من الإسهام في دوامة تصعيدية قد تستفز روسيا. ولكن إذا استخدمت روسيا الأسلحة النووية ضد أوكرانيا، فلن يكون هناك سبب للتراجع.

ومع ذلك، لا أستطيع التأكيد إذا ما كانت الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف الناتو ستضرب مباشرة أهدافا عسكرية روسية داخل أوكرانيا. ويتكهّن البعض بأن مثل هذه المشاركة المباشرة في القتال قد تكون خيارا قيد الدراسة، لكن هذا من شأنه أيضا أن يخاطر بتوسيع الصراع خارج أوكرانيا وتحويله إلى حرب مباشرة بين روسيا والناتو، ومن المرجح أن يكون الجانبان حريصين على تجنب ذلك.

وما العواقب الإستراتيجية الرئيسية لحلف الناتو من الحرب الروسية المستمرة على أوكرانيا؟
يدرك أحدث مفهوم إستراتيجي للناتو (2022) أن الحلف بحاجة إلى زيادة تفكيره الإستراتيجي خارج أوروبا وأميركا الشمالية لمواجهة التحديات المتزايدة من الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادي.

ورغم أن العدوان الروسي على أوكرانيا قد عزز عزم حلف شمال الأطلسي وأعاد تنشيطه باعتباره حجر الزاوية في الاستقرار الإستراتيجي، فإنه منع الحلف أيضا من التركيز على التحديات الطويلة الأجل خارج المنطقة.

هل تتخيل أن بوتين ينسحب من بقية الأراضي الأوكرانية في دونباس وشبه جزيرة القرم؟
لن يعيد بوتين أي شيء إلى أوكرانيا عن طيب خاطر. ولاستعادة الأراضي، يتعين على الأوكرانيين القتال من أجلها مترا بعد متر.

وإذا استمرت القوات الروسية في الأداء الضعيف كما فعلت مؤخرا، يبدو من الممكن أن تستعيد أوكرانيا في نهاية المطاف إقليم دونباس. لكنّ شبه جزيرة القرم ستكون أكثر تحديا من الناحية اللوجستية، ويشير رد فعل بوتن العاطفي على هجوم جسر كيرتش والتفجيرات الأوكرانية السابقة في شبه الجزيرة إلى أن روسيا قد تكون على استعداد لدفع ثمن أعلى بكثير للدفاع عنها، وقد تصعّد عملياتها إلى مستويات أعلى من العنف إذا تعرضت سيطرتها على شبه جزيرة القرم للتهديد.

بعد انسحاب روسيا من خيرسون، ما السيناريوهات التي تتوقعها للأشهر والسنوات القليلة المقبلة من هذه الحرب؟
أتوقع أن تستمر الحرب في الاحتراق ببطء لفترة طويلة جدا. لقد كانت النجاحات التي حققتها أوكرانيا مؤخرا ملحوظة، وقد تستمر في الأشهر المقبلة. ولكن إذا نظر المرء إلى الخريطة، فمن الواضح أن هناك الكثير من الأراضي التي تحتلها روسيا والتي لم يتم تحريرها بعد، وسيكون هذا بجهد بطيء.

وليس لدى أوكرانيا أي سبب للتوقف عن القتال إلى أن تحرر البلاد بالكامل، في حين لا يبدي الرئيس بوتين أي اهتمام بالتفاوض على إنهاء الحرب "ولن يفعل ذلك أبدا".

لذلك سيستمرون في القتال حتى يحقق أحد الطرفين أهدافه العسكرية والسياسية. وأعتقد أن أوكرانيا هي التي ستفوز في نهاية المطاف، لكن الأمر سيستغرق سنوات.


إذن، كيف ومتى تنتهي هذه الحرب؟
من الصعب جدا التنبؤ بهذا؛ فهناك كثير من الأمور المجهولة في المجالين العسكري والسياسي لدرجة أن أي تنبؤات هي تخمينات ليس إلا. لكن أولئك الذين يبحثون عن أدلة واضحة على نتيجة الحرب وانتهائها، يجب أن يبحثوا عن أدلة على الاقتتال الداخلي بين الروس؛ فمن الواضح أن الحرب لا تحظى بشعبية لدى معظم النخب الروسية، باستثناء القوميين المتطرفين المؤيدين للحرب.

ومعظم هؤلاء يؤيدون الحرب حتى الآن، لأنه ليس لديهم خيار آخر؛ لكن استمرار الفشل في أوكرانيا وعلى الجبهة الداخلية قد يؤدي إلى تصدعات خطيرة في النخبة الحاكمة التي قد تجبر بوتين على تغيير أهدافه الحربية.

ومن السابق لأوانه معرفة إذا ما كان هذا الانقسام سيحدث، ولكن هذا هو المكان الذي يجب أن نراقب فيه الإشارات بخصوص انتهاء الحرب.

ما الدروس الأولية لأولئك الذين يحاولون فهم طبيعة الحروب الحالية والمستقبلية؟
عندما بدأت الحرب، اعتقد العديد من المراقبين أن روسيا ستهيمن بسرعة بسبب تفوقها الهائل في حجم جيشها ونوعية أسلحتها. ولكن أوكرانيا أثبتت أنه في حين أن الكمية مهمة، فإن نوعية القوات (التي يصعب الحكم عليها قبل اختبارها في القتال) أكثر أهمية.

وتشير جهود التعبئة الروسية المتعثّرة إلى أنها ستستمر في دفع أعداد متزايدة من المجندين إلى القتال، لكنها ستكون ذات نوعية رديئة للغاية وستزداد سوءا. من هنا علينا التذكير بمبدأ مهم إستراتيجيا، وهو ضرورة "التدريب في وقت السلم على القتال في وقت الحرب".

المصدر : الجزيرة




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :