أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات ثقافات زمن الربيع العربي

ثقافات زمن الربيع العربي

18-06-2012 11:29 PM

بقلم - الدكتور محمد طالب عبيدات


جاء الربيع العربي كنتيجة حتميّة لتردي الأحوال الاقتصادية والاجتماعية وغلاء الأسعار وانتشار البطالة وانتشار الفساد والظلم في بعض الدول العربية، وحقق بعد مرور عام عليه الكثير من الانجازات على سبيل الحرية والاصلاح ومحاربة الفساد، بيد أنه بالمقابل رسّخ ثقافات غريبة عجيبة كنتيجة حتميه له تتلخص بمطالبات فوضويه واصطفافات فئوية وضياع لهيبة الدولة والتطاول على الآخر والاتهام الجزاف وغيرها لحد الوصول الى العصيان المدني عند بعض الدول.
والميزات والثقافات التي شاهدناها تؤشر دوما لحراكات شعبية للمطالبة بالاصلاحات السياسية غالبا والاصلاحات الاقتصادية أحيانا والحراكات المطالبية للفئات ذات الصفات المشتركة للمطالبة بالحقوق ونسيان الواجبات لغايات تسجيل المواقف لبعض الأحزاب أو الاصطفافات الحزبية والعشائرية في بعض الدول.
وفي الأردن كانت الاعتصامات والمظاهرات والاحتجاجات والمسيرات المطالبية التي كفلها الدستور كحق مشروع هي الأميز اذ زاد عددها عن الأربعة آلاف اعتصام فمنها للمعلمين والمهندسين والنقابات المهنية والعمال والموظفين في القطاعين العام والخاص وغيرهم، ونجحت الدولة الأردنية بحمد الله في التعامل مع هذه الحراكات من خلال تطبيق مفهوم الأمن الناعم والحفاظ على السلم الأهلي والمجتمعي وبلورة الحس الديمقراطي المسؤول ليصبح كسلوك يومي مكتسب لكل مواطن مع الحفاظ على الأمن الوطني.
لكننا بنفس الوقت لاحظنا أن البعض ينأى بنفسه لإثارة الفوضى على الغارب بأسم حرية الكلمة التي كفلها الدستور متناسين الفرق بين الحرية التي تدعو للفوضى من جانب والحرية المسؤولة من جانب آخر، ولهذا لاحظنا بعض السلوكيات الدخيلة على مجتمعنا وبأسم التغيّر المجتمعي كالولاء للمال وليس للوطن معتبرين الوطن كبقرة حلوب، واعتبار الوطن كحقيبة مسافر عند البعض، وانتشار ظواهر اجتماعية لا تمت للأردنيين بصلة كالفُجر والكذب والتطاول والتجني والاتهام الجزاف والقذف والتخوين للمسؤولين والتطاول عليهم جميعا بحق أو بدون حق والمزايدة في الانتماء والوطنية وبيع وشراء الذمم والشللية والمحسوبية والبلطجة وضياع هيبة الدولة أحيانا والاصطفاف والتجييش العشائري والحزبي والوظيفة بالتسوّل والتبيعية بدون تفكير وعدم الصبر على الشدائد.
بالمقابل فقد كثُر المتحدثون بجرأة دون خوف من المسؤول كمؤشر على معرفة الحقوق والواجبات وترسيخ مفهوم المواطنة وكذلك كثُر المطالبون بمكافحة الفساد والمطالبون بالاصلاح كمطالب وطنية ذات أولوية، وللأمانة فان هذه المطالب جاءت من لدن صاحب الجلالة الملك المعظم عندما وجّه الحكومات المتعاقبة لإنجاز حزم القوانين الناظمة للحياة السياسية والقوانين الاصلاحية باستباقية واستشراف منقطع النظير.
ولقد لاحظ الجميع فعالية وسائل الاتصال كالفيس بوك والتويتر واليوتيوب واللينكدإن كوسائل للتواصل وللتجييش والاصطفافات اعتمد عليها كثيرا في المطالبية أو التجميع للمسيرات لأن طابع الحراك الشعبي شبابيا، بيد أن مصداقية بعض المواقع الالكترونية قد تراجعت.
والتناقض الأكبر في ثقافات الربيع العربي أن بدايته أسبابها اقتصادية بسبب الفقر والبطالة والحرمان، بيد أننا لاحظنا تراجع الاستثمار وفرص العمل والفرص الاقتصادية وازدياد للبطالة في زمن الربيع العربي كمؤشر على عدم استثمار فرصه المتاحة جيدا، ولهذا فاننا أحوج ما نركّز على المسائل الاقتصادية أكثر من السياسية أو على الأقل تكامليتهما لأن كل منهما يؤثر على الآخر.
بالمحصلة هنالك ثقافات ايجابية وأخرى سلبية للربيع العربي ويجب علينا استثمار الربيع العربي لتحويله لصيف عربي لقطف الثمار وخصوصا في مسائل تحسين الأحوال المعيشية كردة فعل على تردي الأحوال الاقتصادية وتغيير السلبيات التي حصلت ابّان الربيع العربي ولتتناغم الأسباب الرئيسة ونقطة البداية لهذا الربيع مع نتائجه، وبهذا نحوّل التحديات الى فرص خدمة للمواطن العربي. *
وزير الأشغال العامة والاسكان السابق





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :