أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات «التوجيهي» .. كمؤشر للتغير المجتمعي

«التوجيهي» .. كمؤشر للتغير المجتمعي

07-07-2022 12:00 PM

بلال حسن التل


أنا ابن جيل قدم امتحان «التوجيهي» يوم كانت القضية الفلسطينية مبحثاً قائماً بذاته مقررة كتاباً ضخماً، وكذلك كانت التربية الوطنية، ومثلهما الفلسفة، بالإضافة إلى سائر المواد الدراسية الأخرى، ولم يكن يفصل بين جلسة الامتحان والأخرى أياماً، فقد كان الامتحان يومياً، ولم يكن تأثير «التوجيهي» في حياة الواحد منا أقل مما هو عليه الآن، بل كان أكبر، ولم يكن أمام الراسب ولو بمادة واحدة إلا أن يعيد الامتحان بكل المواد وبعد عام كامل.

في جيلنا والأجيال التي سبقته، وبعض الأجيال التي تلته، وبالرغم من أهمية «التوجيهي» كامتحان مفصلي في حياة الطالب وأسرته، لم يكن الأمن العام يعلن عن خطة أمنية لمواكبة الامتحان، ولم نكن نشاهد كثافة أمنية أمام قاعات الامتحان، ولم يكن الآباء والأمهات يتجمهرون أمام القاعات، لأنه لم يكن من أخلاق الأهل السعي «لتغشيش» أبنائهم، ناهيك عن تشجيعهم على الغش، كما صار يحدث الآن، حيث يتفنن بعض الآباء في اختراع أساليب الغش لأبنائهم حتى لو اضطروا لإجراء عمليات جراحية لهم لتركيب أجهزة غش في أجسامهم، الأمر الذي تم ضبطه في سنوات?قريبة. تماماً مثلما صار بعض الأهل يقفون خارج القاعات ويصرخون بإجابات الأسئلة كمحاولة «لتغشيش"أبنائهم. ولم يكن الطلبة يتفاخرون بأنهم يتمكنون من حل الأسئلة لأن أحدهم مرر لهم الإجابات من الشباك.

في جيلنا والأجيال التي سبقته لم يكن مبرراً للطالب الاعتراض على إجراءات المراقبة، رغم أن الطلبة كانوا في أغلبيتهم من المسيسين، كان ذلك قبل أن نعيش أياماً صار فيها بعض الطلبة يحتجون على عدم السماح لهم بإدخال وسائل الغش كالهواتف النقالة إلى قاعات الامتحان.

في جيلنا والأجيال التي سبقته لم نكن نتحدث ويتحدث معنا الأهالي عن أسئلة متوقعة نحتج إذا لم تأت،وأخرى غير متوقعة نحتج إذا جاءت،ولم يكن مقبولا الحديث عن أسئلة صعبة وأخرى سهلة، فالأصل أن يدرس الطالب كتابه ويفهم منهجه ويكون جاهزا للإجابة على أي سؤال منهما،وإلا كيف سنعرف مستويات الطلبة،وميولهم وقدراتهم،وهي واحدة من أهم أهداف الامتحانات، أي امتحانات؟

تغيرات كثيرة حدثت على امتحان «التوجيهي»، تصلح كنموذج لدراسة حجم التغيرات السلبية التي دخلت على مجتمعنا، وآليات تعاطيه مع قضاياه فهل نحن دارسون؟







تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :