أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية شايفك سورية وفضائيات 'الدمار الشامل'

سورية وفضائيات 'الدمار الشامل'

21-07-2012 12:44 PM
الشاهد -

في احدى مقابلاته التلفزيونية قال الرئيس السوري بشار الاسد 'إنهم يسيطرونعلى الفضاء ولكننا نسيطر على الارض'، في اشارة الى ان قوات جيشه وأمنه لهاالكلمة الاولى والاخيرة على طول بلاده وعرضها، ولكن يبدو، ووفق الاحداثالاخيرة في العاصمة دمشق والاطراف الحدودية، ان هذه السيطرة بدأت تتآكلتدريجيا بفعل النجاحات التي حققتها قوات المعارضة بانتماءاتها كافة.
الرئيسالاسد حاول ان يقلل من اهمية خسارة 'الفضاء' لمصلحة تعظيم اهمية السيطرةعلى الارض، وكان مخطئا في ذلك في تقديرنا، لأن اشرس الأسلحة التي استخدمتلتقويض نظامه هي اسلحة الدمار الشامل الفضائية، وهي أخطر بكثير من كلالأسلحة الاخرى، فمن تقف محطات تلفزة من الوزن الثقيل ضده من الصعب انينتصر في نهاية المطاف، خاصة تلك التي حققت رصيدا عاليا لدى الشارع العربي،وظّفته في خدمة أجنداتها.
الفضائيات المدعومة ماديا بشكل مهول هي التيسرّعت بهزيمة نظام العقيد القذافي، وربما كانت لا تقل فاعلية عن غاراتطائرات الناتو، وزحف قوات المجلس الوطني على الارض، ولم يكن من قبيل الصدفةان يتم ضرب محطات التلفزة الليبية التابعة للنظام في اللحظات الحرجة منالمواجهات، وشلّها بالكامل رغم بؤس تغطيتها وبرامجها، وعندما تتم كتابةتاريخ ثورات الربيع العربي في مرحلة لاحقة، ستظهر حقائق مفاجئة، بل ربمامرعبة، عن الدور المبرمج والموجّه لمحطات التلفزة في هذا الاطار، وفي ليبياوسورية على وجه الخصوص.
ولا بدّ من الاعتراف بأن حلول النظام الأمنيةالدموية، وتاريخها الحافل في سحق كرامة الشعب واذلاله لسنوات طويلةواستفحال الفساد، والتعاطي بفوقية ودموية مع الانتفاضة الشعبية في بداياتهاالسلمية، في انعكاس واضح لسوء ادارة الأزمة، بالاضافة الى تخلف وسائلالاعلام المحلي وانعدام مهنيتها وحشوها بالموظفين عديمي الكفاءات ومن لونواحد مع وجود استثناءات قليلة، كلها عوامل سهّلت مهمة هذه الفضائيات لتعبئةالرأي العام السوري ضد النظام ولمصلحة المعارضة السلمية، ومن ثم المسلحة.
اغتيالاربعة ضباط كبار في عملية ما زالت غامضة، وجّه ضربة قوية للنظام السوريدون ادنى شك، ولكن الخسارة الاكبر جاءت معنوية قاتلة، تمثلت في سقوطالمعابر الحدودية السورية في ايدي قوات الجيش السوري الحر، وبعض وحداتتابعة لتنظيمات اسلامية متشددة، مثل تنظيم القاعدة، فهذا التطور سيؤدي حتماالى حالة من الفوضى في البلاد، وتعدد الجبهات والجهات المقاتلةوالمتقاتلة.
من الواضح ان النظام في سورية، وقد ادرك حجم التحديات التيتواجهه والقوى التي تريد اسقاطه، عربية كانت ام دولية، بدأ يتبع استراتيجيةجديدة بالتخلي عن الاطراف، او بعضها، من اجل احكام، او بالأحرى الدفاع عنالعاصمة، وبعض المدن الرئيسية الاخرى لأطول مدة ممكنة.
لا نعتقد انالرئيس الاسد سيرضخ للضغوط المتعاظمة، من الداخل والخارج، التي تريده انيتنحى ويغادر البلاد، ولا نستبعد ان يقاتل والمجموعة الموالية له حتىاللحظة الاخيرة، وإلاّ لما استخدم حلفاؤه الروس والصينيون حق النقض'الفيتو' ثلاث مرات في مجلس الامن الدولي لمنع فرض اي عقوبات دولية علىنظامه.
الرئيس الاسد حسم أمره بتبني الخيار الجزائري، اي القتال بشراسةضد الثورة المسلحة التي تريد اسقاطه، وهو الخيار الذي ادى الى سقوط اكثر من200الف قتيل، في حرب اهلية استمرت ثماني سنوات انتهت بانتصار النظام.
الظروفالتي اندلعت فيها الحرب الجزائرية مختلفة كليا عن نظيرتها الحالية فيسورية، وابرز اوجه الخلاف ان النظام الجزائري كان مدعوما من الغرب ،بطريقةاو بأخرى، لمواجهة معارضة اسلامية متشددة، بينما يحدث العكس تماما فيسورية، فالغرب يعادي النظام ومعه عرب الخليج وتركيا، ومصمم على اسقاطه،ويدعم هذا المعسكر المعارضة بشكل شرس، ماديا وعسكريا واعلاميا.
***
سوريةتتحول وبشكل متسارع الى حرب شوارع في المدن الكبرى، وهي حرب مرشحةللاستمرار لسنوات، هذا اذا لم تحدث حرب اقليمية تقلب كل الموازين، لأنالنظام السوري يحظى بدعم دول اقليمية (ايران، العراق، وحزب الله)، ودوليةروسيا والصين، وهناك من يريد التخلص منه للانتقال الى الهدف الأخطر، وهوحليفه الايراني وذراعه العسكرية في لبنان اي حزب الله.
تعاظم الحديث عناسلحة النظام السوري الكيماوية يصب في هذا الاطار، ولا نستبعد ان تكونالولايات المتحدة ،ومعها اسرائيل، تخطط لإحداث الفوضى العسكرية في سوريةلتبرير تدخلها في عملية خاطفة للاستيلاء على هذه الاسلحة مبكرا، حتى لايستخدمها النظام او حزب الله ضد اسرائيل في حال بدء الهجوم الاسرائيلي ـالامريكي على ايران، وهو يبدو قد بات وشيكا.
لم يكن من قبيل الصدفة انتجرى مناورات عسكرية على الحدود الاردنية ـ السورية قبل شهرين، تحت اسم'الاسد المتأهب' بمشاركة 19 دولة بقيادة امريكية، وتتمحور حول السيطرة علىترسانة الاسلحة السورية الكيماوية، في حال فقدان النظام لسيطرته علىالأوضاع في البلاد.
صحيفة 'الفايننشال تايمز' البريطانية تحدثت بالأمسعن اتصالات اردنية ـ امريكية ـ اسرائيلية لبحث موضوع هذه الترسانة، وكيفيةالاستحواذ عليها، وجاء هذا الحديث بعد يومين من تصريحات ادلى بها العاهلالاردني لمحطة 'سي ان ان' اكد فيها وجود تنظيم القاعدة في سورية، وحذر منامكانية وقوع اسلحة سورية كيماوية في قبضته.
اي عملية للاستيلاء على هذهالاسلحة غير مضمونة النجاح، كما ان النظام الذي يتابع هذه المناوراتوالاتصالات في هذا الاطار ليس على درجة من الغباء بحيث يتركها في العراء،وفي عناوين معروفة، ولا نستبعد ان يكون اخفاها في اماكن عدة، او سرّب بعضهاالى 'حزب الله' ليستخدمها في الساعة الحاسمة، وهذا ما يفسر تكرار حديثالسيد حسن نصر الله زعيم الحزب عن مفاجآت كبيرة في اي حرب قادمة ضداسرائيل.
سورية تتحول بسرعة الى دولة فاشلة، ولن يكون غريبا اذا ما فلتتالأمور من ايدي النظام والقوى العاملة على اسقاطه في المستقبل القريب،لمصلحة قوى فاعلة لا تحتكم الى معايير او قيود دولية، او قانونية(Non state actors).
***
اذا صحت التقارير الاستخبارية الاردنية التي تقولبأن هناك ستة آلاف عنصر تابع لتنظيم القاعدة موجودون حاليا في سورية، فإنعلينا ان نتوقع ان يكون هؤلاء كتائب المقاومة الجديدة التي ستزلزل اسرائيل،سواء في حال انكمش النظام السوري او سقط.
اسرائيل ستكون الخاسر الأكبرمن جراء ما يحدث في سورية من تطورات، فالمقاتلون على الارض السورية، سواءفي النظام او المعارضة، او المنظمات الاسلامية المتشددة قد يختلفون مذهبيااو عقائديا او في الاهداف، ولكن هدفا واحدا سيوحدهم جميعا، وهو ان اسرائيلهي العدو الاول، وستبقى كذلك.
التغيير الذي يحدث في سورية حاليا، واياكانت نتائجه، لن يتوقف عند الحدود السورية، وهي دون حارس على اي حال حاليا،وانما سيمتد الى دول الجوار، وسيحرق اصابع وربما اجساد الكثيرين، انه'تسونامي' كاسح.
تنحي الاسد او عدمه ليس هو المشكلة، فالأحداث والتطوراتربما تجاوزت هذه المسألة، نحن امام تحد من نوع مختلف، نحن امام منطقةتتغير، ويعاد رسم خريطتها من جديد، تصحح خرائط سايكس ـ بيكو، ولا نعتقد انامريكا التي انهزمت في العراق وافغانستان ستكون المنتصر هذه المرة، وانكانت الوقائع على الارض السورية تشير الى عكس ذلك. سورية ليست ليبيا وليستافغانستان، سورية شهدت قيام اول امبراطورية اسلامية عربية في التاريخ.

القدس العربي





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :