أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات "الباستيل" وأسلوب قيادتنا لسياراتنا...

"الباستيل" وأسلوب قيادتنا لسياراتنا بالأردن

08-08-2019 11:55 AM


ناديا هاشم العالول
قد يتساءل البعض ما وجه العلاقة بين أسلوب قيادتنا لسياراتنا بالأردن والاحتفالات الوطنية الفرنسية بيوم الباستيل في الرابع عشر من تموز عام 1789م. فسقوطه كان بمثابة الشرارة الأولى لاندلاع الثورة الفرنسية ليصبح فيما بعد رمزاً للجمهورية الفرنسية.. أكيد لا علاقة لهما.. ولكن هذا العام بالذات وباحتفالات يوم الباستيل في السفارة الفرنسية بعمان واثناء القاء السفير الفرنسي الحالي خطابه بهذه المناسبة متحدثاً تارة بالعربية وتارة أخرى بالفرنسية تتخللهما الإنجليزية. فعلاً فكلّ من تطأ قدماه حديقة السفارة بأجوائها المرحة الراقية والذوق الرفيع حتى يشعر بتغيير تام بالأجواء فقد نجحوا بنقل ثقافتهم ووطنيتهم بكثافة إلى مساحة محدودة من الأمتار المربعة بحديقة السفارة. ومع ذلك بغض النظر عن الأعداد الهائلة للمدعوين فكل شيء كان يسير بنظام وانسيابية، واجتهدنا هذه المرة باختيار ركن قصيِّ بالقرب من مسبح الحديقة المضاء بشموع كروية عائمة، تنساب على نبرات صوته التي تصلنا عبر مكبّرات الصوت. فالابتعاد قليلاً عن زحمة الجماهير يساعد المستمع الشغوف على التمعن بالكلمات دون مقاطعة طارئة تبعثر تركيزه تأتيه من هنا وهناك، فتطرب النفْس أكثر لفحواها الإيجابي الذي يثلج الصدر، ملتقطة باعجاب ودهشة مضمون محطة توقف عندها السفير الفرنسي الشاب مبديا إعجابه بتجربته الأولى كسفير لفرنسا بالأردن فأطرى كثيراً على الأردنيين اللطفاء النبلاء الكرماء بمعشرهم الحسن والذي لا يتماشى مع الأسف وأسلوب قيادتهم للسيارات المليء بالثغرات–حسب وصفه -.. وأُسْقِطَ بيدي ومع ذلك وجدت له عذراً.. فقيادة بعضنا للسيارات لا تسر عدواً أو صديقاً حيث يتربع الأردن على مرتبة ثالث دولة في العالم بحوادث السيارات. حزنتُ ترى اية ذكرى سيحملها هذا الديبلوماسي المتمرس المتنقل في بلاد العالم عن نسبة الذوق والفن والأخلاق بقيادتنا لسياراتنا.. كثرَت او قلّت؟ ولولا حرصه على مصلحة الأردن لما تطرّق لموضوع حوادث السيارات بيوم فرنسا.. يوم الباستيل التاريخي.. فلعل وعسى أي انتقاد قادم من خارج ثقافتنا سيوقظنا من غيبوبتنا التي حولت طرقاً إلى مجموعات متلاحمة ترتكز على قطبين متناقضين من جلاد وضحية. داعس ومدعوس.. قاتل ومقتول! فيكفينا أنه يقع بالمملكة كل (5 (دقائق حادث سير وكل (9 (ساعات يُقتَل شخص بحادث سير وكل (29 (دقيقة يسقط شخص جريحاً، وكل (32 (ساعة يقتل شخص عمره يقل عن 18 سنة! باجتهادنا المتواضع هنالك حالة من جنون العظمة نتيجة لرغبة جوّانية بنفس السائق الداخلية الراغبة بامتلاك القوة أو السلطة للسيطرة على الآخر داعساً بذلك الآخر محتكراً القوة فما أحوجنا - البعض - إلى معالجة نفسية وقانونية لفكفكفة هذه الدواخل المعقدة لتجنب الأسباب قبل وقوع المصاب! فهكذا جنون أدى إلى استبدال قوّة القانون بقانون القوّة.. محولاً الأخير طرقنا إلى ساحات مفتوحة يتشابك فيها المعدن والبشر والحجر بحرب أهلية مستعرة مكلفة مادياً ومعنوياً وتنموياً وتقدمياً..!




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :