أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية سياسة «كونغرس متعادل» .. «النواب» للديموقراطيين...

«كونغرس متعادل» .. «النواب» للديموقراطيين و«الشيوخ» للجمهوريين

14-11-2018 02:01 PM
الشاهد -

في سباق محموم بالانتخابات الاميركية النصفية الاولى:

توقعات بعرقلة سياسات الرئيس ترامب المثيرة للجدل في الموازنة والهجرة والبيئة


الشاهد : عبدالله محمد القاق


في سباق محموم وغير مسبوق اظهرت النتائج شبه النهائية لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس الأميركي احتفاظ الحزب الجمهوري بمجلس الشيوخ وسيطرة الحزب الديموقراطي على مجلس النواب.
وتعني هذه النتائج أن الديموقراطيين استعادوا الأكثرية التي كانوا فقدوها في مجلس النواب، وأن الجمهوريين نجحوا في الإبقاء على تقدمهم في مجلس الشيوخ.
واحتاج الديموقراطيون للسيطرة على «النواب» أن يحتفظوا بمقاعدهم الحالية وأن ينتزعوا أكثر من 27 مقعدا جديدا منحتهم الفوز بالغالبية. ويبدو أن هذا ما حققوه بعد أن تغلبوا على مرشحين جمهوريين في ولايات متأرجحة مثل فرجينيا وفلوريدا وبنسلفانيا وكولورادو. وفي اول تعليق لها على النتائج، تعهدت زعيمة الديموقراطيين في مجلس النواب بيلوسي بوضع «ضوابط وتوازنات» للبيت الأبيض خلال الجلسة القادمة للكونغرس.
وقالت بيلوسي في كلمة ألقتها أمام مؤيديها «ستكون هناك مساءلة وسنكافح من أجل الحزبين.. كفانا ما لدينا من الانقسام».
لكن الجمهوريين ردوا الضربة في مجلس الشيوخ المكون من 100 مقعد، حيث أطاحوا بعضوين ديموقراطيين على الأقل في أنديانا ونورث داكوتا، واحتفظوا بمقعدي تينيسي وتكساس. وكان هذا كافيا لأن يخرج الرئيس ترامب باكرا للاحتفاء بالنتيجة، وليصف على حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، انتخابات التجديد النصفي للكونغرس بأنها «نجاح هائل».. انتخابات وصفت بأنها استفتاء على أداء الرئيس نفسه.
ماذا تعني هذه النتيجة؟!
في ظل الوضع الجديد، وعلى مستوى السياسات الداخلية، سيسعى الديموقراطيون في مجلس النواب إلى توسيع نطاق نظام الرعاية الصحية «أوباما كير»، وفرض ضرائب على الشركات الكبيرة، فضلا عن إعادة فرض قواعد تنظيمية صارمة على المؤسسات المالية.
وفي هذا الإطار، سيسعى النواب الديموقراطيون الى عرقلة المقترحات التشريعية لبرنامج الرئيس ترامب «لنجعل أميركا عظيمة مجددا»، وفي مقدمتها: سياسات الهجرة المثيرة للجدل مثل فصل الآباء عن أبنائهم عند
الحدود، وإلغاء سياسات بيئية صادق عليها الكونغرس تحت إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.
وأبرز أزمة تشريعية قد يواجهها الرئيس ترامب بمجرد عودة انعقاد الكونغرس في منتصف نوفمبر الجاري سيكون التصويت على الميزانية العامة، التي ربطها ترامب مباشرة بتمويل الجدار الحدودي مع المكسيك. لكن القضايا الساخنة الأخرى لن تناقش قبل بداية العام المقبل، عندما يباشر المنتخبون الجدد مهامهم في الكونغرس. ويرى محللون أن الديموقراطيين لن يستطيعوا تمرير قوانين لا تحظى بدعم الحزبين، لأنهم لن يحصلوا على دعم مجلس الشيوخ. وبالتالي، فإنهم سيلعبون في هذه الحالة دورا سلبيا بالدرجة الأولى، عبر معارضة سياسات الإدارة.
والكونغرس بحاجة إلى هذا الدور إذا أراد القيام بالمهمة التي حددها له الدستور الأميركي، وهي مراقبة سياسات البيت الأبيض، وذلك بعدما عمل الكونغرس خلال السنتين الماضيتين كأنه امتداد للبيت الأبيض، باستثناء بعض القضايا التي شكلت قطيعة مع موقف الرئيس ترامب مثل فرض عقوبات على روسيا.
وكان الرئيس الاميركي قد حضر نفسه لهذا التغيير، واعترف بأن فقدان مجلس النواب احتمال وارد، ووجه اللوم قبل أيام من الانتخابات إلى أحداث أوقفت الزخم الجمهوري، في إشارة إلى سلسلة الطرود المتفجرة التي استهدفت شخصيات سياسية معارضة له، وإطلاق النار في كنيس يهودي أودى بحياة 11 شخصا. كما هاجم ترامب سياسيين جمهوريين في مجلس النواب، وفي مقدمتهم بول راين رئيس مجلس النواب الذي رفض الترشح لفترة أخرى.
ولكن من المستبعد أن تؤثر نتيجة الانتخابات النصفية سلبا على فرص إعادة ترشيح الرئيس ترامب عام 2020، فالانتخابات النصفية هي عادة مؤشر لا يعتمد عليه لنتيجة الانتخابات الرئاسية. ومعظم الرؤساء يحصلون على نتائج سلبية في الانتخابات النصفية، لكنهم يفوزون بفترة رئاسية ثانية. تاريخيا، طالما خسر حزب الرئيس مقاعده في كل انتخابات نصفية جرت منذ عهد الرئيس هاري ترومان، وجاء الاستثناء الوحيد في عهد الرئيس جورج بوش الابن، عندما لعبت سياسته بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، دورا لمصلحة الحزب الجمهوري.
وبغض النظر عن هذه النتيجة، فإن ترامب يبقى المرشح الأقوى في اقتراع 2020.
أما على مستوى السياسة الخارجية التي أدخل إليها ترامب تغييرات جذرية في كل العالم، فمن غير المتوقع لنتائج الانتخابات النصفية أن تبدل في وجهتها أو أن تحمل ترامب على مراجعة سياسته الخارجية، خصوصا في الشرق الأوسط.
لقد كانت إيران تترقب نتائج الانتخابات النصفية للكونغرس، فإذا تراجع الحزب الجمهوري، تختار طهران الصبر والعمل مع المتمسكين بالاتفاق النووي لعلها تعمق الخلاف بينهم وبين واشنطن. والتحايل على العقوبات بالرهان على مساعدة دول حليفة وصديقة بينها الصين وروسيا والعراق وتركيا وبعض أوروبا. ويمكنها ربما التحمل حتى مجيء إدارة ديموقراطية يمكن أن تتفاوض معها مجددا. ويرى الأميركيون أن إيران لم تراهن فقط على الانتخابات النصفية، وإنما على كسب الوقت لتمرير السنتين المقبلتين من ولاية ترامب، آملا في الا تفضي الانتخابات الرئاسية المقبلة الى ولاية ثانية له. وهذا ما يدفع بصقور الإدارة الأميركية الى حصر زمن التسوية مع إيران بالعام 2019 وإقفال الطريق أمام أي مناورات لكسب الوقت.
أما الرهان على الانتخابات النصفية للكونغرس وإمكان أن يخسر الجمهوريون الأكثرية بما يؤدي الى إضعاف ترامب، فإنه رهان مبني على حسابات خاطئة، لأن الديموقراطيين متشددون أيضا حيال إيران، ولأن تقدم الحزب الديموقراطي حتى لو حصل لن يؤثر على سياسة الرئيس الخارجية ولا على استراتيجية ترامب حيال إيران.
ماذا كان حصل لو ربح الديموقراطيون الغالبية في مجلس الشيوخ؟
للجواب عن هذا السؤال يجب معرفة ما صلاحيات كل من مجلسي الشيوخ والنواب.
مهمة مجلس النواب الأساسية التشريع، وفرض الضرائب، والموافقة على الموازنة العامة. والأهم بالنسبة للرئيس ترامب هو صلاحية الكونغرس في إحالة رئيس الجمهورية (وكبار المسؤولين الفيدراليين) الى المحاكمة في مجلس الشيوخ ما يتطلب أصوات نصف النواب زائدا واحدا. أما مهمة مجلس الشيوخ فهي التصديق على المعاهدات التي يعقدها الرئيس، والموافقة على تعيينات كبار المسؤولين (مثلا الوزراء والسفراء)، ومحاكمة الرئيس وكبار الموظفين الذين أحالهم مجلس النواب إلى المحاكمة، وتتطلب الإدانة موافقة ثلثي الأعضاء.
ومن المتعارف عليه أنه يجب على الديموقراطيين الحصول على الغالبية في مجلسي الشيوخ والنواب، من أجل السيطرة على المؤسسة التشريعية، ومنع ترامب من تنفيذ برامجه. ولو فاز الديموقراطيون بالهيمنة على مجلس الشيوخ، كان الرئيس ترامب سيواجه مشكلات كبيرة، وسيجد صعوبة في الحصول على التصديق الكافي من مجلس الشيوخ للأشخاص المرشحين للمناصب المهمة، منها مناصب مثل: سفراء الولايات المتحدة لدى دول مهمة في الشرق الاوسط. وكان مجلس الشيوخ الخاضع لسيطرة الديموقراطيين سيصوت على الأرجح لطرد ترامب من البيت الأبيض، بعدما تعهد قادة الحزب الديموقراطي بالفعل باستخدام مجالس التحقيق في اتهامات الفساد بالبيت الأبيض. ومن شأن تلك التحقيقات أن تتسبب في صراع سياسي كبير في واشنطن حول بقاء بعض وزراء ترامب أو حتى ترامب نفسه. وتظهر خريطة التحركات الانتخابية التي اعتمدها الرئيس الاميركي أن هدفه كان الحفاظ على الغالبية في مجلس الشيوخ وربما أيضا زيادة عدد المقاعد فيه إضافة إلى الحفاظ على عدد لا بأس به من المقاعد في مجلس النواب.
وبناء عليه، وفي ظل التفاؤل المتصاعد لدى الديموقراطيين باستعادة مجلس النواب، تحرك ترامب مدفوعا بنيات أخرى أساسها «حماية الذات»، حيث واصل إثارة قاعدته الانتخابية في تجمعات ضخمة، قوامها «لنحافظ على عظمة أميركا»، وهو تتمة لشعار «اجعل أميركا عظيمة مجددا»، وأشارت حملاته إلى استراتيجية لإعادة انتخابه لولاية ثانية، الهدف منها زيادة الأصوات الناخبة له في المناطق الريفية، وبالتالي حماية نفسه ضد الخسارة التي قد يحققها في المناطق الديموقراطية.
كذلك، سيطر على خطاب ترامب «النفس القومي» المعتاد، الذي كان عنصرا فعالا في تحريك قاعدته الانتخابية، خلال الانتخابات الرئاسية عام 2016، إلى جانب سياسته الجدلية بشأن الهجرة.
وفيما آثر ترامب الابتعاد عن التفاصيل، فقد لجأ، بشكل أساسي، إلى تكرار الحديث عن إنجازات إدارته.. «لدينا أفضل اقتصاد في تاريخنا»، عبارة رددها ترامب في أكثر من تجمع انتخابي قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، لتصبح بذلك السلاح الذي شهره في وجه خصومه الديموقراطيين.

رئيس تحرير جريد ة سلوان الاخبارية .








تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :