أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات ولادة قيصريّــة

ولادة قيصريّــة

29-08-2018 01:36 PM

 

    كانت عمليات الولادة القيصرية  في العقود الماضية القريبة ، تجرى بأعداد قليلة جداً وللضرورة الطبيّة القاهرة فقط ، ومن هذه الضرورات التي تحتم على الطبيب إجراء العمليّة القيصرية بضعة أمــور هــي : كبر حجــم الجنين وضيق حوض الأم .. حدوث نزف دموي شديد بسبب تمزّق المشيمة مما يهدّد حياة الأم ، ارتـفاع ضغط الدم الحاد ، وضعيّة الجنين داخل الرّحم بشكل عرضي، عدم فعالية طلق الولادة الطبيعي ومرورعدّة ساعات على بدئه أو توقفه دون أن تحصل الولادة ، تخطّي عمر الجنين لأربعين أسبوعا ، وإذا سبق وان أجرت المرأة عمليّات قيصريّة سابقة ، إذا تعدّت الأم الخامسة والثلاثين عاماً وكانت هذه الولادة الأولى .

  وهناك حالات التي لا تستوجب إجراءها ولكنها تكون بناء على طلب المرأة خوفاً من عمليّة الطلق المتعبة، وتكون هذه الحالة جهلاً من الأم .. ولو أن الطبيب قدّم لها نصحاً عن الولادة الطبيعية ومحاسنها وأن آلامها ستكون فـقط  لعدّة ساعات ، وبيّن لها  مساوئ العملية القيصرية وأن الشفاء منها بحاجة لأيام وأن عـدد مرّات الحمل مستقبلاً سـيكون محدّدا وسلبيات أخرى تتبعها ، لرأيـنا إحجام النساء عن الولادة بهذه الطريقة ، مستثنين الأمهات المترفات اللواتي لا يردن تجربة المخاض ، وأوضاعهنّ المادية تساعدهن على تحمّل أعبائها الماديـــة .

    وفي السنوات الأخيرة تضاعفت عمليات الولادة القيصرية بشكل مثير للجدل وأصبحت ظاهرة ، وبإمكاننا أن نطرح السبب الواضح والرئيس وراء ازدياد توسّعها ، وهو التغيّر والتقدّم الذي طـرأ على طـب التوليـد والــذي استغلّ للتوجّه نحو تحقيق الرّبح المادي لبعض المستشفيات ، فقد ولّت تلك الأيام حينما  كان يتابع طبيب الولادة بنفسه عدداً كبيراً من حالات الحمل منذ بداياتها وحتى الوضع ، لنساء التزمن هذا الطبيب ، بحيث كان يتواجد ويتابعهن مهما كانت الظّروف وفي أي ساعة كانت الولادة ، أي كانت هناك رابطة وثيقة وراحة نفسية بين الطبيب والأم لم نعد نراها الآن ، بل أن ازدياد العمليات القيصرية والتي يتم تحديد موعد إجرائها مسبقاً بأشهر ، أصبحت تسـمح للطبيب بالتمكّن من مهاراته الجراحية وتقلّل من احتمالات أخطائه الطبيّة ، وتسـمح للمستشفى المعني من التحكّم في مواعيد بل وبساعات الولادة تحديداً، ومن ثمّ التوقّع للدّخل المالي الذي سيتأتى سلفاً ، وهذا يكون على حساب شريحة كبيرة من المواطنين الذين لا تسمح لهم ظروفهم المادية من التعرّض بلا داعي لمثل هذه العمليات . 

    لما ذكـر سالفاً ، فإنّ ما نعيشه ونشاهـده والمعلومات المتاحة لتوسع انتشار هذه الظاهرة ، تبيّن للجميع بوضوح أن ارتفاع معدّلات الولادة القيصريّــة هــو حصيلة تحوّل معقّد في ممارسة الطب ، ويستحق الدراسة مـن جميــع الأطراف بعناية شديدة ، لأنّه لا يتعلّق بضغط الأمهات على أطبائهن لإجراء مثل هذه العمليات على سبيـل اختصار الآلام في مرحلة الوضع فقط ، وليس بهذه البساطة كما يصوره بعض المنتفعين .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :