أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية سياسة هل تلجأ تركيا الى رفع الفائدة على الليرة...

هل تلجأ تركيا الى رفع الفائدة على الليرة التركية لتفادي احتمالات المواجهة الاقتصادية لواشنطن؟

29-08-2018 12:21 PM
الشاهد -



الازمة التركية – الاميركية تدخل منعطفا خطيرا بعد رفض انقرة تسليم القس المعتقل برونسون

دبلوماسين لـ – الشاهد- :الخلافات بين الجانبين متعددةومتداخلة وعميقة وستطال تأثيراتها اوروبا

 

عبدالله محمد القاق


دخلت الأزمة بين تركيا والولايات المتحدة منعطفاً خطيراً، تحكم أربعة سيناريوهات مطلقة مسار ما ستؤول إليه الأمور بين الطرفين في المرحلة المقبلة. ودون ترتيب للأولويات، فإنّ الاحتمال الأول هو أن يصل الطرفان إلى صفقة كبرى يتم بموجبها حل كل الملفات الخلافية دفعة واحدة. والحاجة إلى صفقة كبرى أصبحت ضرورية في ظل تراكم الملفات الخلافية وازدياد خطورة انعاكساتها السلبية على العلاقة بين البلدين. وبالرغم من أن سيناريو الصفقة الكبرى هو الأفضل، فإنه يبدو الأضعف احتمالاً، على الأقل في هذا التوقيت بالتحديد، فالخلافات بين الطرفين متعددة ومتداخلة وعميقة، وهو ما يجعل إمكانية حلّها دفعة واحدة أمراً معقّداً.
أما السيناريو الثاني،وفقالتجليل للدكتور علي حسن باكير فهو سيناريو الصفقة الجزئية.. بمعنى آخر، أن يتم التوصل إلى صفقة بين الطرفين تقضي بالإفراج عن القس برونسون، على أن يكون ذلك مقابل ما يطلبه الجانب التركي. المعلومات المتوافرة حتى الآن تقول إن الجانبين كانا يعملان على هذا الخيار، وإنهما وصلا إلى مرحلة متقدّمة قبل أن يقوم نائب الرئيس الأميركي بنسف المفاوضات وينضم إليه ترمب فيما بعد. من الممكن إعادة إحياء هذا السيناريو بالنظر إلى أن الجانب التركي لا يزال يعبّر عن انفتاح ورغبته في حل الخلاف مع واشنطن، بشرط أن تغيّر الأخيرة من سلوكها؛ لكن إلى أيّ مدى سيكون من مصلحة ترمب أن يعقد هذه الصفقة؟
يقول تقرير لـ «الفايننشال تايمز»، نُشر قبل عدّة أيام فقط، إن ترمب يستغل الأزمة مع تركيا حول القسّ من أجل كسب أصوات الإنجيليين في الانتخابات النصفية المقبلة. إذا ما قرّر ترمب أنه من الأفضل الاستمرار في هذه الأزمة حتى موعد هذه الانتخابات في نوفمبر المقبل، فهذا معناه أن هذا السيناريو قد يكون صعب التحقق أيضاً؛ لكن إن قرر أنّ ما حصل يكفي وأنه من الأفضل الاكتفاء بالمكاسب التي تحققت داخلياً قبل خسارة تركيا كحليف، فإن إمكانية تحقق سيناريو الصفقة الجزئية هذا تصبح عالية.. وفيما يتعلق بالسيناريو الثالث، فهو سيناريو التصعيد. في هذا السيناريو لن يأتي التصعيد من الجانب التركي، لكن فرض واشنطن المزيد من العقوبات على أنقرة سيتبعه خطوة مماثلة من الأخيرة بالتأكيد، هذا السيناريو هو أسوأ السيناريوهات، وسيكون له انعكاسات سلبية على المستوى السياسي والاقتصادي بين البلدين، وقد تمتد الأزمة لتطول التعاون العسكري أيضاً. فضلاً عن ذلك، فإن لهذا السيناريو تداعيات جيوبوليتيكية كبرى محتملة قد تؤدي في النهاية إلى زعزعة حلف شمال الأطلسي وإلى اتساع الهوّة بين أميركا وحلفائها الغربيين، وبروز دور أكبر لكل من روسيا والصين على المستوى الإقليمي.
أما السيناريو الرابع والأخير، فهو سيناريو استمرار الأزمة على شكلها لكن دون تصعيد في الإجراءات، في هذه الحالة نكون قد دخلنا في مأزق صعب. وبالرغم من افتراض عدم وجود تصعيد، فإن هذا السيناريو يعني أن تراكم الخلافات سينفجر في مرحلة من المراحل دفعة واحدة ودون مسار تصاعدي، ما يعني أنه سيكون من الصعب بمكان توقّع النتائج.
غالباً، المعطيات الحالية تغلّب السيناريو الثاني والثالث، لكن مع وجود رئيس أميركي لا يمكن توقّع خطوته الثانية، فإن باب الاحتمالات يبقى مفتوحاً على السيناريوهات الأربعة.;

ازمة اقتصادية
ومن الواضح أن تركيا تمر بأزمة اقتصادية غير مسبوقة، قد تؤدي في المحصلة إلى رفع أسعار الفائدة على رغم أن الرئيس رجب طيب أردوغان يرفض وبشدة هذه السياسة.وقد يقوم البنك المركزي بهذه الخطوة، على رغم معارضة أردوغان، في مسعى لتطمين الأسواق من أن الإدارة السياسية الحالية لا تهيمن على السياسة النقدية بشكل كلي، حتى وإن لم يكن هذا الأمر صحيحاً، إضافة إلى محاولة جذب الاستثمارات والعملات الأجنبية بعد رفع المركزي الأميركي أسعار الفائدة.
وشهد الاقتصاد التركي الكثير من الضغوط في الفترة الأخيرة، وتزايدت أخيراً مع الدخول في مرحلة جديدة في السياسة التركية وتحولها إلى النظام الرئاسي بقيادة الرئيس أردوغان.
ومنذ بداية العام، وحتى التاسع من الشهر الجاري، فقدت الليرة نحو 23 في المئة من قيمتها أمام الدولار، ليسجل الدولار الواحد نحو 5.4 ليرات تركية. ولكن الجمعة، كان اليوم الأسوأ لليرة أمام الدولار، لتهبط إلى عتبة 6.5 ليرات.

وعلى رغم هذه الانخفاضات الهائلة، لم يعمد المصرف المركزي التركي إلى رفع أسعار الفائدة في مسعى لاحتواء الانهيار المستمر لليرة، إضافة إلى التضخم الذي يسجل شهراً بعد شهر مستويات قياسية جديدة، علماً أن رفع أسعار الفائدة يعتبر من الأدوات المتعارف عليها اقتصادياً لخفض التضخم ودعم العملة، والتأكيدات الاقتصادية أنها الخطوة الواجب اتخاذها.

هذا التردد الذي يشهده البنك المركزي في عملية رفع أسعار الفائدة، يدعم النظرية القائلة إن أردوغان «أحكم قبضته على السلطة النقدية»، خصوصاً أنه يصف نفسه بأنه العدو اللدود لأسعار الفائدة، معتبراً أن الفائدة المنخفضة تعني تضخماً منخفضاً، وهو ما لم يتمكن من إثباته حتى الساعة.

وتتخوف الأسواق من هيمنة أردوغان على المشهد الاقتصادي، خصوصاً بعدما غادر الحكومة كلّ من نائب رئيس الوزراء محمد شيمشك ووزير المال ناجي إقبال، اللذان كانا ملتزمين تهدئة الأسواق بانتهاج سياسات اقتصادية تقليدية تتناسب مع موقع تركيا كسوق ناشئة عالية الأخطار.

ونظراً إلى حلول صهر الرئيس التركي بيرات البيرق على رأس وزارة تجمع بين الخزانة والمال، بصلاحيات واسعة، إضافة إلى تردد المركزي التركي في رفع أسعار الفائدة، فإن الأسواق شهدت حالاً من الذعر قد يصعب السيطرة عليها في المستقبل القريب من دون رفع مباشر وحقيقي لأسعار الفائدة، ما من شأنه إذا حدث، أن يوحي أن المركزي التركي لا يزال يحافظ على بعض الاستقلالية أمام ضغوط أردوغان وصهره.


لكن هذا كله كان قبل الجمعة الماضي، ففي ذلك اليوم، سقطت الليرة سقوطاً مدوياً مسجلة أدنى مستوياتها على الإطلاق أمام الدولار، ما دفع وزير المال إلى اتخاذ مجموعة من التدابير «المهدئة» للأسواق، لتستعيد الليرة بعضاً من عافيتها وترتفع إلى مستويات التاسع من الشهر الجاري.

هذه التدابير قد تكون فعالة على المستوى القصير، لكن التقلب الكبير في سعر الليرة يدل بطبيعة الحال على الثقة المتزعزعة بالليرة التركية وبالاقتصاد التركي بطبيعة الحال، خصوصاً بعد دخوله في مواجهة مباشرة مع أميركا أكبر اقتصادات العالم في ملفات عدة منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي.

ويشكل احتجاز تركيا للقس الأميركي آندرو برونسون، أحد أبرز مشاهد الأزمة بين البلدين، خصوصاً بعدما فشلت الولايات المتحدة في الحصول على تأكيدات بإطلاق سراحه.

وأتت الرسوم الجمركية، لتزيد الطين بلة. فبعد فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوماً على الصلب والألمنيوم تصل إلى 25 في المئة، ردت تركيا بفرض رسوم على واردات أميركية قيمتها 1.8 بليون دولار، ليأتي الرد الأميركي بمضاعفة الرسوم على الألمنيوم والصلب من تركيا إلى 20 و50 في المئة على التوالي، ويهوي بالليرة إلى أكثر من 7 ليرات للدولار الواحد.

هذا القرار ساهم في زيادة مشهد الليرة قتامة، ما دفع أردوغان إلى إعلان «الجهاد الاقتصادي» طالباً من الأتراك تحويل عملاتهم الأجنبية ومقتنياتهم من الذهب إلى العملة المحلية، إضافة إلى مراسلته الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بهدف تعزيز العلاقات الروسية– التركية، وتأكيده أن التحضيرات جارية لاستخدام العملة التركية المحلية في العلاقات التجارية مع كلّ من الصين وإيران وروسيا.
ويأتي هذا في وقت أعلن أردوغان قبلها بأيام، رغبته بتنويع الأسواق الاقتصادية المستهدفة، وتوسيعها، خصوصاً مع الصين.

وهذه ليست المرة الأولى التي يطلب فيها أردوغان من الشعب التركي تحويل مقتنياته من الذهب والعملات إلى الليرة في الشهر الجاري، إذ سبق أن طلبه بداية الشهر، عند إعلان برنامج عمل الحكومة.


والحال، أن الاقتصاد التركي، إضافة إلى الضغوط السابقة الذكر، متعطش إلى العملة الأجنبية، خصوصاً أن لدى تركيا ديوناً بالعملات الأجنبية تصل إلى 30 في المئة من حجم اقتصادها.

وهنا تأتي الأموال والعملات الخارجية لتزيد من الأزمة، خصوصاً مع رفع بنك الاحتياط الفيديرالي (المركزي الأميركي) أسعار الفائدة، ونيته زيادتها مرتين خلال العام الحالي، ما يعني أن الاحتفاظ بالأموال والاستثمارات في أميركا أصبح أكثر إغراء، وهو ما يُلزم تركيا رفع أسعار الفائدة أيضاً لزيادة إغراءات الاستثمار فيها.

. رئيس تحرير جريدة سلوان الاخبارية





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :