أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات العراق والتصالح مع الذات

العراق والتصالح مع الذات

06-03-2013 04:30 PM


أ. د. فيصل الرفوع

ان اي مراقب لما يجري في العراق الشقيق والعزيز علينا خاصة نحن الأردنيين، سيجد نفسه وقد دخل في حالة من الضياع وعدم الفهم والغموض، فمنذ التاسع من نيسان 2003، والعراق الدولة يفقد كل يوم جزءاً من مقوماته، ويخرج من نفق مظلم ليدخل في نفق اخر اشد ظلاماً. والا فكيف لنا ان نفسر حالات التفجير والقتل التي بدأت، مرة أخرى، تطال كل مواطن في العراق دون تمييز، مما يذكرنا بما تعرض له لبنان الشقيق عام 1975 وعلى مدى خمسة عشر عاماً كان عمر الإحتراب الداخلي، حيث تاهت العقول في فهم ابسط معادلات الصراع وهي: الاجابة عن سؤال من مع من، ومن ضد من؟.
ان ما يعيشه العراق هذه الايام من سوداوية ومروق على العقل يجعل مسؤولية القيادة العراقية اولاً، و الامة العربية ثانياً، اكبر، والمطلوب اوسع من كل التوقعات. وهنا لا بد ان نذكر كافة الأطراف بأن الطروحات الاردنية اليوم و القائمة على الحوار السلمي- الديمقراطي بين العراقيين، هي الحل الأمثل للخروج من التجاذبات التي يشهدها العراق اليوم. وكما كانت الرؤى الأردنية التي آمنت بالحل العربي في بداية الحالة العراقية، حيث دلت الشواهد وبكل امانة وبإعتراف الجميع، ان الحل العربي كان هو الاسلم والاضمن لعدم وقوع العراق وجواره والامة في مستنقعات القتل والعنف.
و الان، فلا بد من وقفة عراقية أولاً وأخيراً، وقفة حاسمة تضع الامور في نصابها، وتخلق امكانات يمكن ان تخرج الجميع من المنزلق الذي لا يعرف الى اين سيقود. لأن استقرار ومنعة العراق هي مصلحة إستراتيجية أردنية بإمتياز ، حيث العراق هو الإمتداد الطبيعي للأردن، والأردن هو البعد الوحدوي للعراق. ومن هنا فلا بد وأن يبدأ العراقيون مرحلة مصارحة ومصالحة مع الذات، وان يدرك ابناء العراق، ان ما يصيب فئة منهم سيؤدي الى ضرر كبير يلحق ببقية فئات الشعب العراقي العظيم، كما ان ضعف مكون معين من مكونات الشعب العراقي سيكون بداية ضعف يصيب كل المكونات. وعلى ابناء العراق جميعاً مسؤولين ومواطنين، ان يدركوا بأنه لم يثبت في التاريخ الانساني ان استورد الولاء من الخارج، او ان تحقق إنجاز من وراء الحدود. وعليه فإن علينا، كعراقيين، ان نلملم تشتتـنا ونبدأ في اعادة قراءة واقعنا بصورة امينة وجدية، وان لا نخشى ان نواجه الخطأ وان نصوّب الضلالة.
لأننا في الوطن العربي، بشكل عام، نعيش منذ زمن واقعاً فريداً من نوعه، ومفارقات لا يمكن ان تتوافق مع اي منطق، حتى ولو بحدوده الدنيا. فكل شعوب الارض التي كانت تمر بأوضاع التفتـُّت والتمزق سرعان ما تتوحد ان تعرضت لخطر خارجي داهم، وسرعان ما تعيد توحيد صفوفها متناسية ما كان بينها من خلافات، الا نحن في الوطن العربي، فلم تستطع حتى الان اية مصيبة او ازمة او خطر آت من الخارج ان يوحدنا، بل والعجيب في الامر اننا نزداد تمزقاً وتظهر هناك مظاهر من التفرق والتضاد وصلت في احيان كثيرة الى حد الاصطفاف مع الغريب ضد ابناء الجلدة وابناء الوطن. بل اننا اصبحنا نقبل على التصالح مع الاخرين على ان نتجاوز خطايا بعضنا او نتصالح مع ذاتنا.
.com.hotmail@alrfouh





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :