أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات الأردن وملفات الحل النهائي

الأردن وملفات الحل النهائي

03-01-2018 01:01 PM

د. رحيل محمد غرايبة

ملفات الحل النهائي أو ما يطلق عليها كذلك تتلخص بملف الحدود، وملف اللاجئين وحق العودة، وملف القدس، وملف المستوطنات، كانت تُعدُّ قضايا معقدة وحساسة ولذلك كان يتم تأجيلها من قبل الأطراف المختلفة من أجل انتظار مجئ الظروف المناسبة التي تصلح لمعالجتها، ويلاحظ أن ملفات الحل النهائي تمس الأردن مسّاً جوهرياً وعميقاً، خاصة تلك الملفات الأكثر سخونة وتعقيداً المتعلقة باللاجئين والقدس، بوصف الأردن هو أكبر مستضيف للاجئين الفلسطينيين، كما أن القدس ومقدساتها الإسلامية والمسيحية بقيت في عهدة الأردن باتفاق جميع الأطراف، وهذا لا يعني مطلقاً تخلي الأطراف العربية الأخرى عن المساندة والمعاضدة .
من الملاحظ أن الظروف العالمية والإقليمية أصبحت في نظر بعض الأطراف الفاعلة مواتية ومهيأة للشروع في تناول هذه الملفات والبدء في عملية المعالجة، ويجري العمل حثيثاً على انضاج البدائل والصيغ السياسية المتعلقة بها، وربما يكون المؤشر الأكثر وضوحاً على البدء في وضع هذه الملفات على الطاولة هو القرار الرئاسي الصادر عن الإدارة الأمريكية بالاعتراف رسمياً بأن القدس عاصمة موحدة وأبدية لدولة" إسرائيل"، واتخاذ القرار بنقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، إيذاناً بالشروع العملي المبرمج بحل الملفات النهائية.
الاقتراب الوشيك من الحل النهائي يعني بكل تأكيد المساس بكل الأطراف الدولية على الصعيد الإقليمي دون استثناء بالاضافة إلى بعض الأطراف الدولية على الصعيد العالمي وخاصة الدول الكبرى صاحبة المصالح بمنطقة الشرق الأوسط التي تخضع لتجاذبات موازين القوى والمصالح والنفوذ المتفاوت بين القوى العظمى، مما يعني أن الأنظمة والشعوب في الاقليم أصبحت في مرجل التغيير وإعادة الصياغة، بما يتناسب مع مقتضيات الحل القادم ومعالمه المرسومة في أذهان أصحاب الكلمة، وهذا سوف يؤدي بشكل حتمي إلى إحداث تغييرات جوهرية ستطال ما كان يُعدُّ في المائة سنة السابقة من الثوابت، وسوف يتم ظهور قوى جديدة على حساب أفول قوى قديمة ما عادت قادرة على الاحتفاظ بوجودها على المسرح الجديد للقرن القادم ، بعد أن أدت دورها سابقاً بنسب نجاح متفاوتة في عالم السياسة الذي لا يعرف صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وهو ليس من أنماط العمل الخيري ولا تنفع فيه المجاملات والصداقات.
الأردن ليست الدولة العربية الوحيدة المعنية بحل هذه الملفات ، ولكنها تشكل حجر الأساس لأنها البوابة العربية الواسعة المطلة على فلسطين مما لا يستساغ عالمياً وإقليمياً ولا عربياً تجاهل هذه الحقيقة، مع الإقرار بأن حل هذه الملفات سوف يكون متزامناً مع التسوية النهائية المفترضة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وليبيا، لأنها تكاد تكون شيئاً واحداً من خلال الرؤية الشاملة لوضع المنطقة برمتها.
معالم الخطورة التي تبرز على السطح من خلال تناول هذه الملفات بخصوص الأردن تظهر عبر وجهة النظر «الإسرائيلية» المدعومة من الإدارة الأمريكية، حيث أن هناك مقولات تجعل الدولة الأردنية هي التي تتحمل العبء الأكبر من عواقب الحل خاصة كما أسلفنا بالملفين الأكثر سخونة (القدس واللاجئين)، ونجد أن هناك محاولات واضحة باتجاه التواطؤ مع النظرة الإسرائيلية – الأمريكية من أطراف أخرى كثيرة صديقة وغير صديقة، وهناك محاولات لنشر ثقافة (أن الأردن هي فلسطين) بصيغ شتى ومقولات متعددة الأشكال والمظاهر والتبريرات.
لا مجال أمامنا في مواجهة الحدث القادم والخطر الداهم ، إلا من خلال الرجوع إلى الحصون الداخلية المتمثلة بالشعوب التي تشكل مصدر المشروعية ومصدر القوة الأكثر أهمية والأكثر أثراً في حسم المعركة ، والأمر الآخر أن الشعوب عليها أن تتحمل مسؤوليتها في هذه الظروف الحرجة وان تنتقل نقلة جادة نحو امتلاك القدرة على مواجهة الاخطار المحدقة بنا من كل حدب وصوب ، وأخص بالذكر الشعب الأردني الذي ينبغي أن يبادر السياسيون والحزبيون والمفكرون واصحاب النظر والهم الوطني إلى تشكيل رؤية وطنية محددة واضحة وقائمة على فهم دقيق للموقف السياسي فهماً عميقاً يشكل انطلاقة سليمة نحوالمستقبل





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :