أخر الأخبار
الصفحة الرئيسية المقالات المرأة بين سوقيْن : الأدب والنخاسة !

المرأة بين سوقيْن : الأدب والنخاسة !

08-11-2017 04:33 PM

ناديا هاشم / العالول ..
شتان ما بين زمن بهيّ الطلعة بنفحات جمالية تتدفق عذوبتها كسلسبيل لا ينقطع تسبيحه بالواحد الخلاق .. سقى الله زمنا ذهب ولن يعود وهل من عودة الى حكاية كان يا ما كان بقديم الزمان ترويها الأجيال كأسطورة من أساطير الخيال ؟
ففي ظل هذه القباحات المتفاقمة المنبثقة عن تفاهات مهمَّشة كنا لا نعيرها بالماضي الجميل أدنى اهمية او اهتمام ، بل كنا نرثي لحال هؤلاء التافهين المتفّهين لكل منطق حكيم ، والآخذين على عاتقهم دوما تقزيم المعاني الأصيلة والمضامين الجميلة في ثقافتنا وتراثنا وديننا ليحيلوا محصلتها الى كومة من تناقضات تثير الحزن والاشمئزاز ، وكيف لا وقد أوصلهم هوسهم الى تضخيم الذات مدّعين بأن خلاص الإنسانية ونجاتها سيكون على أيديهم، وذلك عبر إشباعها قذفا وذمّا وعنفا ودمارا بعد ان وصلت بهم حدود تعبئتهم النفسية بتراكماتها السلبية إلى حد لا تجد لها منْفسا ومتنفَسّا طبيعيا سوى عبر صمام أمان ليس بمستأمَن على الأمان نفسه ، مطلقين فتاوى تجيز ما لا يُجاز محرِّمة الصح محلِّلة الخطأ في سلسلة طويلة من اللامعقول ..
الخلاص الذي يرتأونه هو التخليص على كل ما هو إيجابي جميل في ديننا وتراثنا وثقافتنا ودهن الأبيض الناصع بالأسود الداكن والأدهى ان أصواتهم هي التي تعلو فوق صوت الحق حتى شرّشوا وتجذّروا بعتمة الظلم والظلام مُجْهِزين على كل ايجابيات الجمال الضرورية للنفْس والروح والعقل والوجدان متجاهلين مقولة أن الله جميل يحب الجمال ..مدّعين بأن تحرير المرأة يبدأ بإعادتها الى أسواق النخاسة ..
في هذا الزمن الذي أقل ما يمكن وصفه بانه غير جميل او قبيح بل رهيب رهيب ليس له مثيل، حيث ترهِّب فيه كل فئة الفئة الأخرى لاعتقادها بانها تملك الحقيقة ، حتى تردّى الوضع إلى ما هو عليه الآن ..
في هذا الزمن الرهيب الذي تفشّى فيه الإرهاب والترهيب صرنا نحث الخطى أكثر بحثا عن مرفأ أو واحة امان يصدح بها الطير ويشدو بها الحرف وتتجلى الحكمة ..
هذه الحكمة التي اصبحت طريدة مطاردَة من قبل المِعْوَجَين فنبحث عن الخلاص مجتهدين بالبحث أكثر وأكثر عن واحة معنوية تعشعش بأفيائها الروح ويستكين فيها القلب ويستقر الوجدان .. فتارة ننقّب بأشلاء الماضي وتارة نبحث بواقع الحاضر او نحاول إستباق المستقبل فلعل وعسى يبشرّنا بوعود جميلة تخفف من حدة هذه القباحة المرئية والمستترة ..
وعثرنا على ضالتنا بمحاضرة "شخصية المرأة الأندلسية والابداعات الشعرية في السياق الحضاري "
وللأسف الشديد تعذّر علينا حضور هذه المحاضرة القيمة الشيقة بسبب ارتباط مسبَق بنشاط ثقافي آخر ، فضاعت علينا فرصة استرجاع العصر الأندلسي بإبداعات ولاّدة بنت المستكفي وابن زيدون ..
تعلقت بالعصر الاندلسي منذ الصغر لدرجة انه عند زيارتي لمقاطعة "اندلسيا" بجنوب اسبانيا والمتميزة بمعالمها الأثرية والسياحية التي تكاد تنطق باللغة العربية تروي حكايات مدينة الزهراء و عبق قصر الحمراء ورومانسية نوافير إشبيلية ، في منطقة تعبق أصالة بسبب التعاقب الحضاري الّذي مرّ عليها عبر ثقافة أندلسية تحترم التعددية ،فما كدت ادخل رحابها حتى هلّت علينا بقايا من بقايا نسائم الدولة الأموية بالأندلس – اسبانيا- الموشَّحة بموشّح يدندن على تراقص إيقاع أعلام منطقة "اندلسيا " البرتقالية المرفرفة بحبور كلماتها :
جادك الغيث إذا الغيث همى
يازمان الوصل بالاندلس
لم يكن وصلك إلا حلما
في الكرى او خلسة المختلس زمن جميل امتد سبعة قرون بالأندلس صلنا وجلنا كعرب ومسلمين بتجربة اندلسية فريدة عاكسة نموذجا للتنوع الثقافي والتعددية والحوار الفكري ، حتى شرذمتنا الطائفية منهية عصرنا الذهبي على ايدي ملوك الطوائف وما أشبه اليوم بالبارحة حيث تتقاذفنا رياح الطائفية ..
ونعود ننقب بين الأوراق على زمن جميل آخر عاينّاه بأنفسنا بزمن انتشرت فيه " الأسواق الأدبية" بمدارس الإناث بالمرحلة الإلزامية ،ابان زمن مضمونه جميل بعكس التجميل المتكاثر للمظهر دون الجوهر الآن من نفخ وشفط وكل ما تشتهي النفس من تجميل الخلقة دون تجميل الخُلُق ..
ونعود للسوق الأدبي ،حيث يقوم كل صف من صفوف المدرسة بنشاط ثقافي شهري، تتخلله فقرات شعرية وخطابية وفنية فتتنافس الصفوف على مدار العام بعرض أفضل ما لديها من ابداع ثقافي وفني في زمن راح راح وانقضى ّ ، تهادت فيه الطالبات على انغام وكلمات موشح "لما بدا يتثنّى" بحركات تعبيرية ترتفع بالروح الى اعلى درجات الرقي في "رقص السماح" الذي يعود تاريخه الى الف عام ولمدينة حلب بالذات حيث تحل مذابح حلب الآن محل "القدود الحلبية"..
تهادت الصبايا بعيدا عن الذبح والقتل والتدمير والخواء الفكري وجهاد النكاح وتفجير النفس من اجل عيون الحور العين ..
ربّاه لطفك .. اعجز عن المتابعة .. فالألم شديد شديد ولا من مغيث ..
اترك النهاية للقارئ ..كي يفتي فيها !





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع جريدة الشاهد الاسبوعية - الشاهد علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :